الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

أدونيس ونوبل والمواقف السياسية


بقلم: محمـود منـير
mahmoudmunir@gmail.com
حان الوقت لينال جائزة نوبل للآداب شاعرٌ، ومن الشرق الأوسط كذلك. أدونيس هو الأفضل، مقولة لم ترد عابرة على لسان بجورخولم، مدير أحد أكبر متاجر الكتب في العاصمة السويدية ستوكهولم.
مضاربات نوبل في أشهر المواقع الالكترونية تؤشر على تعاظم احتمالات فوز الشاعر السوري أدونيس بأهم الجوائز العالمية التي سيعلن عنها بعد غدٍ الخميس.
الصحافة السويدية ترشح صاحب الثابت والمتحول لأسباب ثلاثة: أولها يرتبط بالنظر إلينا بوصفنا شرق أوسطيين وليس عرباً، وننتمي لثقافة شرق أوسطية لا عربية، كما أن هذا الشرق أوسطي سينالها بعد 23 عاماً على فوز الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، و43 عاماً على فوز الإسرائيلي عجنون بها.
فرصة تاريخية، بحسب رؤية مضاربي نوبل، أن يتناصفها مع كاتب إسرائيلي مثل عاموس عوز الذي ينتظرها منذ عقود حاله حال أدونيس!
سبب ثانٍ يتعلق بـمظلومية الشعر والشعراء، فجائزة نوبل احتفت -عادة- بالروائيين، وكتّاب فنون السرد المختلفة بصورة فاقت التوقعات، إذ كانت النسبة تميل إلى الرواية على حساب الشعر بنحو 1:.8
حلول الشاعر السويدي توماس ترانسترومر في المرتبة الثانية، وفق بورصة الترشيحات، ربما يضيع الفرصة أمام الشاعر السوري، الذي يحتفظ بجنسيتين: فرنسية ولبنانية فقط، ما لم يبتكر أحد مناصفة أخرى تمنحه الجائزة مع ترانسترومر.
عودة على السياسة، فإن رسالة أدونيس الأخيرة إلى الرئيس السوري التي يطالبه فيها بالتنحي وسّعت امكانية فوزه، غير آبهين بمقاربة سياسية هشّة قدّمها صاحب تنبأ أيها الأعمى، ترى أزمة النظام السوري في استبداده، وعجز المعارضة في تجاهلها العلمانية.
التفاصيل ليست مهمة، طالما أن العناوين تبدو جاذبة بالنسبة لأدونيس، ف¯قيّمو نوبل يفضلون منح الجائزة - مؤخراً - لأسباب سياسية، حيث حصل عليها: ماريو برغاس يوسا، اورهان باموك، دوريس ليسنغ، هيرتا مولر، الفريدا يلينك، نايبول، غونتر غراس، ساراماغو، هارولد بنتر، وداريو فو وغيرهم.
أدونيس الذي تجاوز الواحدة والثمانين من عمره كان أول أديب عربي يحصل على جائزة غوتة الألمانية الشهيرة العام الحالي، وقد قدّرت لجنة الجائزة نجاحه في نقل منجزات الحداثة الأوروبية إلى الثقافة العربية.. وتوجهه الكوزموبوليتي، ومساهمته في الأدب العالمي.
وليس بعيدا عن منجزات الحداثة ونقلها، فإن الظروف السياسية تبدو أكثر من مناسبة أمام أدونيس ليدق أبواب نوبل، وإن لم تلق مواقفه الأخيرة قبول المحتجين السوريين، كما لم تنل رضا أنصار النظام، فربما كانت بمثابة رسائل إلى طرف ثالث.
رسائل تجاور أعمال علي أحمد سعيد إسبر، المعروف بـ(أدونيس)، الذي أصدر عشرات الدواوين الشعرية، ومنها: ورّاق يبيع كتب النجوم، تاريخ يتمزق في جسد امرأة، احتفاء بالأشياء الغامضة الواضحة، وغيرها. إضافة إلى دراسات نقدية وترجمات عديدة.
المرشح الثاني للجائزة هو ترانسترومر المولود في العاصمة السويدية ستوكهولم عام 1931 ونشر مجموعته الشعرية الأولى 17 قصيدة في عام ،1954 وحصل على جائزة غريفن للشعر قبل أربع سنوات، ونشر أكثر من 13 مجموعة شعرية إلى جانب ترجمته كتباً عدة.
وتتنافس على الجائزة الأسماء الآتية: الأديب المجري بيتر ناداس، والياباني هوراكي موراكامي، والجزائرية آسيا جبّار، والكوري الجنوبي كو أون وغيرهم.
المفاضلة بين السرد والشعر، واللغة والثقافة والجغرافيا التي ينتمي إليها الكتّاب، ومواقفهم السياسية تبدو عوامل أساسية في تحديد الفائز بجائزة نوبل للآداب، لذا يبقى اسم أدونيس حاضراً في ذهنية أوروبية لا تغيب عنها هذه الحسابات.
 (العرب اليوم. 2011-10-04)

ليست هناك تعليقات: