ليتكم ما نطقتم..!


بقلم: ضرار البستنجي
لسبب أو للآخر وجدتني قريباً جدا من تجمع أولئك (الأحرار) المحتشدين مقابل سفارة الشقيقة سورية لصلاة التراويح وتنظيم اعتصام بهدف (التضامن) مع الشعب السوري الشقيق.
صحيح أنني لم أكن قريباً إلى الحد الذي قد (يلوثني) لكنني كنت قريباً إلى حد سمح لي بأن أتابع مجـ..ـر..يـ..ـات (ثورة الرصيف) التي قامت بعد صلاة التراويح مباشرة. 
في تفاصيل (الاعتصام الوطني) -الذي كان معظم مشاركيه من إخوان سورية المقيمين هنا- صلاة تراويح ثم كلمات ثلاثة لـ(نشطاء) في لجنة أسست لنصرة الأشقاء السوريين وتفنيد (مزاعم) المؤامرة المزعومة (الواضحة المعالم بالمناسبة)! ومزيد من الهتاف والأناشيد، ثم قصيدة لـ"شاعر" سوري، فختام مسك وعنبر بهتاف لشاب وصفه مقدم "الحفل" بـ"البلبل الصداح" قبل أن يتبين أنه سيقيء سماً وقذارة لعقها بالترديد خلفه مئات (الرجال) الذين جاءوا لنصرة إخوانهم..!
مشاهدات عديدة استفزتني أكثر من غيرها ولعل أهمها يتلخص في التالي:
1- الهتاف المسيء للشيخ حسن نصر الله سيد المقاومة وصانع نصرها.. فلم أتخيل يوماً أن يردد (حر) في شوارع عمان هتافاً يصف سيد المقاومة بالجبان أو يدعو الله أن (يأخذه) فقد ردد (البلبل السوري الصداح).. ((يا نصر الله يا جبان بدنا نجيبك من لبنان)). وردد أيضاً ..((يا الله ويا الله، تاخد حسن نصر الله))، وفي الحالتين ردد (الأحرار) من وراءه..!!
وهنا لست افهم بأي منطق ينطق هؤلاء ولمصلحة من!!
2- لم تخلو الهتافات من الروح الطائفية المقيتة وذلك حين كان يعتلي منصة الهتاف أحد (الثوار) السوريين الذين (استحضروا) أجواء الهتاف الذي يتردد في شوارع الشام.. تارة يتهم الرئيس السوري بالكفر وتارة يتهم سفير سورية بذلك ثم يهتف المهللون لشيخ مشايخ الفتنة في سورية.. العرعور الذي يعرعر سماً وفتنة من ارض الحرمين..
وهنا يثور التساؤل حول المحاكمة الدينية أو الطائفية للرئيس السوري والموقف منه!!
3- المتحدثون كانوا حريصين على توجيه الاتهامات لمن يتبنى وجهة النظر الأخرى أكثر من حرصهم على توجيه رسائل الدعم لشعب سورية الشقيق (!!) فاعتبروا أن من يقف في الطرف الآخر أو يتحدث عن مؤامرة عميل أو مستنفع من النظام السوري بل واعتبر أحدهم أن الوفد الشعبي الذي ذهب للتضامن مع سورية عار على الأردن لأن أيديهم لطخت بدماء شهداء سورية..
وللتاريخ أعطي المغرر بهم من متبني الموقف الآخر دعوة للعودة إلى رشدهم أو ربما فرصة لذلك..!! ناهيك عن إصرار متحدث آخر على أن الواقفين في الصف الآخر ليس لهم الحق بالمطالبة بالإصلاح في الأردن بل ولن (نضع يدنا في يدهم ولن نسمح لهم بالعمل معنا)..!!
4- اتهامات بالجملة للرئيس السوري وللسفير بالعمالة للصهاينة تارة وللأمريكيين أخرى بل إن احد الهاتفين ذهب إلى مخاطبة السفير باسمة قائلا: ((يا بهجت يا سليمان.. يا سفير الأمريكان))، وهتافات كثيرة مشابهه.. 
والسؤال.. إذا كان النظام أو سفيره عميلا للأمريكيين، وانتم أيها (الثوار) تنتقدون ذلك، لماذا لم يسجل التاريخ لكم شرف الوقوف ولو لمرة واحدة أمام السفارة الأمريكية..!؟ 
وطالما أن النظام الذي يسالم حدود العدو الصهيوني عميل -وفق أحد المتحدثين- وطالما أن العدو واحد للشعب الواحد.. لماذا لا نراكم تشاركوننا الاعتصام على رصيف الكالوتي رفضا لمعاهدة وادي عربة، والمطالبة بإغلاق سفارة العدو، رغم أن اعتصام الغد – الخميس، هو رقم 72!؟
5- شخصياً بدأت أضيق بالمستكتبين وبأنصاف المثقفين وبالمطبلين على ذات النغمة التي يعزفها أوباما ونتنياهو -من حيث يعلم البعض ولا يعلم الآخر- وبت أدرك آن الظرف لم يعد يحتمل المجاملات، ولا أنصاف الحلول، وقد تجذرت (أكثر) قناعتي بأنني في الموقف القومي السليم، وبأن المؤامرة على سوريا العروبة تعدت جهات داخلية وغربية لتندس بيننا، وفي صفوف من ظننا طويلا أنهم مناضلون واعون مخلصون.. أتساءل ومن وحي (اعتصام الثوار) وحديث أحدهم الذي بدأه بتحية يحملها من نائب يمني حمله أمانة تحية الحضور وطلب دعمهم ثورة اليمن..
أتساءل.. ألم يشعركم ذلك بالخجل من كونكم تركتم كل هموم الوطن الكبير الواضحة وضوح الشمس، وطبلتم وزمرتم مع المؤامرة في سورية..!؟
ألم يحرك فيكم شيئاً تقسيم السودان، ولا احتلال ليبيا الوشيك -الذي ساهمتم فيه بالمناسبة- ولا ثورة اليمن، ولا وضع العراق في ظل الاحتلال، ولا.. ولا.. ولا.. ألا يثير ما تقومون به تساؤلاً (بريئاً): لمصلحة من كل هذا..!؟
في الخلاصة لقد ساءني ما شهدته من ردح، وشتم، وتشويه على رصيف السفارة السورية، وأقول لأولئك الذين قرروا أن يكسروا صمتهم من خلال هذا النشاط.. ليتكم ما نطقتم! 
ولكِ، سورية العروبة، كل السلام.. فهؤلاء الذين لا يصطدمون مع العدو ومشاريعه الصهيونية الأمريكية.. هؤلاء الذين يسبون المقاومة ويهللون للهتاف الطائفي.. هؤلاء الذين لا يقبلون الآخر ويسعون لشق صف المطالبين بالإصلاح.. صدقينني.. هؤلاء.. ليسوا منا.. 
ولن يكونوا منا أبداً..!