بقلم: محمـود منـير
mahmoudmunir@gmail.com
وصْف
الوزير الساكت شعارات الحراك الشعبي بـ"الشتائم السياسية" يظهر تغافلاً
متعمداً لواقع الحراك وتطوّره، ولطبيعة الشخصية الأردنية، التي تميل إلى العنف
اللفظي، من باب "فشة الغل" لا رغبة في التخريب.
الحراك الشعبي في الأردن ينحصر
بين ألوف عدة في عمّان والمحافظات، إلى جوار "مشاكسة إعلامية" لدى بعض
المواقع الإلكترونية، وتسريبات الصالونات العمّانية، التي تشي بصراع مراكز قوى، وتعكس
تبايناً جليّا بين ما تصرّح به النخب السياسية في السر والعلن.
في كل مرّة يتنبأ متابعون
بتراجع الاحتجاج الشعبي فإن حدثاً غير متوقع يرسخ ضعف الأداء الحكومي ويؤشر على
شبهات الفساد أو التدخل الأمني، ويثبت خللاً بنيوياً في تعامل الإعلام الرسمي معه،
ليس آخرها مؤتمر الساكت - أبو رمان، يعيد تأجيج الاحتجاج ويمدّه بوقود إضافي.
يتناسى وزير الداخلية التحريض
المتواصل من قِبل إذاعات مملوكة لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها الأمن العام ضد
المتظاهرين، ما يدفع إلى رفع السقوف وانزياح الشعارات إلى "عنف لفظي".
ويتجاهل الوزير ذاته أن هذا
الإعلام الموجه والخطاب المنحاز للنظام على نحو غير منطقي ومقبول في المدارس
والجامعات والدوائر الحكومية يوّلد عنفاً لدى مناصري الحكومة يدفعهم إلى الاعتداء
على المسيرات والاحتجاجات.
ما يثير الاستهجان مساواة
المتظاهرين بالبلطجية، وإنكار الحكومة مسؤوليتها بشكل متكرر عن أي اعتداء تتعرض له
شخصية معارضة، وهي بموقفها الأول تواصل التحريض على المتظاهرين، وتمنح البلطجية
مبررات جديدة لممارساتهم في موقفها الثاني.
رواية الوزير حول حادثة
الاعتداء على المعارض ليث شبيلات يمكن توظيفها في عمل درامي كوميدي، وربما سقط
سهواً من تصريح الساكت دعوة شبيلات إلى الاعتذار حرصاً منه على وحدة أهل "ساكب"
الوطنية!
إدعاء الساكت حرص الحكومة على "حماية
حق التعبير والأمن المجتمعي والأشخاص والجماعات" يتناقض مع تهديده بـ"استخدام
القوة بشكل مباشر وفق القانون" ضد المحتجين الذي وصف شعاراتهم بأنها "بلطجة
سياسية"، أو "إرهاب البلطجية".
اللجوء إلى القضاء المدني
لمواجهة تجاوزات "إرهاب" الحراك الشعبي، سيشكل "إثارة" جديدة
في الساحة السياسية، حين نشهد مقاضاة الدولة الأردنية لمحتجين سيحاكمون بسبب
شعاراتهم وينجو من المحاكمة ذلك المسؤول عن غضبهم.
"شتائم سياسية" هو عنوان معرض تشكيلي يتم التحضير له، حالياً،
سيقدّم فيه صور المتظاهرين وشعاراتهم، وسيدعى الوزير الساكت لافتتاحه.
(العرب اليوم. 2011-10-05)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق