بقلم: محمــود
منــير
mahmoud1st@hotmail.com
هل
تبدو الرواية الرسمية لنشوء الأنظمة العربية، جميعها، مقنعة لشعوبها؟ سؤال يلح على
بال كثيرين بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح الوطن العربي.
"اللحظة التاريخية" حول
تأسيس الأنظمة العربية، كافة، لا تغيب عن المناهج الدراسية في دولها، وإن اختلفت
التعبيرات حول تلك اللحظة باستخدام جمل مكرروة تعظم دور المؤسسين، وحنكتهم في "عملية
التأسيس".
احترام تلك اللحظة التاريخية
يستدعي قبول تعدد الروايات حولها، وإلاّ فالواقع سيفرض ذلك بطرق قد تبدو فجّةً
وقاسية في آن، إذ إن الانتفاضات العربية تشكك ب¯"شرعية" الأنظمة، وتعيد
طرح الأسئلة الكبرى التي لم تطوَ رغم تقادم الزمن.
الأنظمة العربية، جمهورية أم
ملكية، لم تحكم بلاداً باجماع تام حولها، إذ تشكّلت معارضة لها في لحظة التأسيس
وفي فترات لاحقة، بأشكال ونسب متباينة، لكن الرواية الرسمية تتجاهلها أو تستحضرها
كونها معارضات غير وطنية أو ذات ارتباطات بالخارج.
الرواية الرسمية الأردنية
كغيرها من الروايات العربية، تقتصر على وجهة نظر وحيدة سواء حول الثورة العربية
الكبرى أو تأسيس إمارة شرق الأردن والمملكة لاحقاً، وكذلك حول أحداث كبرى واجهت
الدولة، ومنها: وحدة الضفتين أو الحروب التي خاضها الجيش الأردني، ومواجهات أيلول
عام 1970 .
إعادة النظر في الرواية
الرسمية، لا تنطلق من حسابات سياسية فحسب، إنما من توافر الروايات المتعددة حول
نشوء الأردن الحديث وسهولة الاطلاع عليها عبر شبكة الانترنت، والكتب الممنوعة، التي
يجري بيعها - بشكل ما- وتداولها على نحو واسع ومنها: "عبد الله وشرق الأردن"
لماري ولسون، و"مذكرات الملك طلال"، و"العرش الأردني" وغيرها.
تآكل دور الرواية الرسمية
وأهميته يطرح أسئلة أكبر من سؤال المنع وجدواه، الذي يمكن مناقشته بصورة جزئية
تتعلق بموضوع الرقابة، غير أن الموضوع يأخذ أبعاداً أعمق حين يخص الثقة بين النظام
وشعبه وآفاقها، أو بفض الالتباس حول قضايا تؤرق المواطن مثل العلاقة بين مكونات
الشعب من جهة، ونظرته تجاه تاريخ بلاده وهويته من جهة أخرى.
الاحتجاجات الشعبية تقوم في
سبيل تغيير سياسات داخلية تتعلق بالخبز والحرية، غير أنها أزالت، على أرض الواقع، الإنشاء
"ثقيل الظل" الذي يملأ المناهج الدراسية والإعلام الرسمي، وإن لم تدرك
الأنظمة وحكوماتها ذلك.
(العرب
البوم. 06. 09. 2011)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق