ليس من المفاجئ أن يتم استيراد
أسوأ ما في شمولية منتصف القرن الماضي الأمريكية، إلى أردن القرن الحادي والعشرين
على أيد إسلاموية، لنستيقظ من مطالبنا الإصلاحية على "مكارثية" إسلامية
جديدة تطل برأسها؛ وتعيد الأمجاد التي سطرتها "الجماعة" في التحالف مع
"الدائرة" في مجال صيانة الحالة العرفية!
وليس مفاجئاً أن المعرض الذي
أقيم لدعم "تنسيقيات محمد رحال في سوريا" في النقابات المهنية، برعاية إخوانية،
يذكر بالمعارض التضامنية الإخوانية، لدعم "المجاهدين" في أفغانستان مطلع
الثمانينات، التي كانت تأتي معززة بخزعبلات ظلامية، لا يقبلها عقل، ولم ينقص
أصحابها التجرؤ على الدنيا والدين معاً، بحيث لم يجدوا غضاضة في تسميتها آيات الرحمن.
وليس مفاجئاً أن لا يغيب عن
هذا، كله، "النَفَس" الأمريكي!
ومن المعروف، بطبيعة الحال،
إلام انتهت تلك المغامرة الأفغانية، التي لعب فيها الإخوان دور ضابط الارتباط بين
"المجاهدين" والأمريكان، ومقاول الخدمات اللوجستية والتجنيد وترتيب
الفضاء الإعلامي، تماماً كما تفعل "الجزيرة"، التي تبدو اليوم، مركز
التنظيم العالمي الجديد للإخوان المسلمين.
لقد حولت هذه المغامرة
المشؤومة بلداً يسير على طريق التنمية، ويحقق معدلات غير مسبوقة، في محيطة، بمجالات
الرعاية الصحية والتعليم وتحرير المرأة وتشييد بنية تحتية واقتصاد وطني، إلى أطلال
"خربة" عالمية، تعيش في القرون الوسطى..
كانت تلك جريمة بحق الإنسانية،
فعلاً!
هذا المشروع التخريبي
الإجرامي، الذي يفرم شعباً بكل منجزاته الحضارية، بصفقة واحدة، هو ما يقاتل البعض
من إسلاميينا لإهدائه إلى الشعب السوري، لقاء ترتيبات شراكة مع المشغل الأمريكي
القديم نفسه.
وبطبيعة الحال، لا يمكن لمثل
هذا المشروع أن يمر ويحظى بالتأييد دون دعاية وإعلام وتحشيد باستخدام اللجاجة
الغوغائية الشعبوية، التي تشبه الصرخات الكاذبة المستغيثة التي يطلقها "شاهد
عيان" في اتصال مع "الجزيرة"..
لذا، نغرق هذه الأيام في هذه
اللجاجة الغوغائية الشعبوية، التي يتحفنا بها ليبراليون: إسلامويون وعلمانويون!
ونرى اليوم، أنه يتم استحضار
"لجنة مكارثي"، سيئة السمعة والصيت، في صيغة قوائم يعدها أصحاب القلوب
السوداء، وبمبادرات تلح على "أنهم ليسوا منا"؛ علماً لو رأى أصحابها
حجمهم الحقيقي في الأردن، الذي يستريب مما يحاك لسوريا، لاكتشفوا أنهم أقلية بائسة
إقصائية لا تحتمل رأياً آخر، ولا تملك إلا الصوت العالي والجعجعة، وحزمة من
الأمراض التخاذلية المزمنة، على الصعيد السياسي والفكري معاً..
بلى، وبضعة متمولين ومجالسين
لدبلوماسيي الغرب الأطلسي!
نعم، نحن لسنا من هؤلاء. لا
لشيء إلا لأنهم قلة قليلة منا. فئة معزولة من جموع الشعب الأردني، الذي يستريب من
مما يحاك لسوريا، ولا يقبل العبث المغرض والمراهق في أمنها. ونحن مع ذلك، لا نتبرأ
منهم، ولا نقصيهم، ولا نلغيهم، ولكننا نذكرهم فقط أنهم خارج الإجماع الوطني، الذي
يمتد من الشق الرسمي في الدولة إلى شقها الشعبي، بأحزابه ونقاباته وفعالياته.
بل ويمكنهم أن يؤدوا وظيفتهم،
وأن يقبضوا رواتبهم وإعاناتهم وتمويلهم، طالما أن ذلك يبقى زوبعة في فنجان!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق