في الوقت الذي يتضح فيه
أن "الإنسانية"، التي تدفقت في بعض الأوساط الإعلامية والثقافية في
الأردن، على الشعب السوري جلها مدفوع الأجر من قبل السفارة الأمريكية في عمّان،
يفهم المرء أشياء كثيرة:
أولها؛ لماذا جمع هذا
التباكي خليطاً من "خلايا الاعتدال العربي النائمة" التي استيقظت فجأة
ومجموعة من "المناضلين الموسميين" وجموع "المناضلين لمرة
واحدة".
ويفهم المرء، كذلك،
لماذا ضم هذا الجمع "نخبة" ممن عرفوا تقليدياً بكراهيتهم واستهانتهم
بالسوري: إنساناً وشعباً وبلداً. ولماذا أصرت حملة التباكي على رفض الحديث عن ممانعة
النظام السوري ودعمه للمقاومة، حتى لو كان في طريقه لتحرير القدس، إلى جانب الإصرار
المريب على تجنب رفض "التدخل الأجنبي" ولو بحرف.
ويصبح مفهوماً، كذلك، لماذا
يعتمد المتباكون شعب سوريا في التعزير على نظامها على نفس المصادر التي يعتمدها
الناطق باسم إحدى الوزارات الإسرائيلية، ويروج لها. ولماذا يصر هؤلاء على أن المثقف
وقيم الإنسانية والحرية يجب أن تكون فوق كل العقائد والأيدلوجيات (عملياً،
يريدونها متحررة من أي قيم أخلاقية، وبات مفهوماً لماذا).
وأنا هنا، أحيي الهيئة
الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين، التي لم تنجر لإصدار بيان يأتي في سياق حملة
مشبوهة، حاول البعض دفعها إليه بحسن نية، أو مع سبق الإصرار والترصد لإرضاء
"الرشوة" القادمة من السفارة الأمريكية في عمان. مع ضرورة الإشارة إلى أن
تركز التباكي الميلودرامي في أوساط الأدباء، من فئة العاملين منهم في مجال الصحافة
والإعلام بالذات، يجب أن يثير ريبة الرابطة وانتباهها.
ويجب أن أشير مجدداً من باب
الأمانة، إلى أن ليس كل من أتخذ موقفاً من سوريا وأدان نظامها متورط بالفضيحة؛
فهناك من اتخذ موقفه عن قناعة شخصية، وهناك من غرر به، وهناك من كان ينتظر الفرصة
بطيب خاطر، وفاوض على الثمن..
وهنا، آمل من كل قلبي أن لا يكون الزملاء الذين سجلوا موقفاً
من سوريا، في الفترة الأخيرة، متورطين في هذه الفضيحة الفاسدة المخزية..
وأقول: إنني على قناعة
بأن عملية شراء الذمم الفاسدة، ستجد طريقها إلى الانكشاف، إن لم يكن في القريب
العاجل، فمن خلال "ويكليكس" جديد. وإلى ذلك الحين، فإنه يشرفني تقديم
طلب انتساب إلى قائمة "عار" يعدها المتكسبون بدماء السوريين، وعلى جثث أطفالهم
ونسائهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق