إن ما
يحدث في سوريا، اليوم، لا علاقة له بما جرى في تونس ومصر، ولا ينتمي لعصر الثورات
العربية، ولا يستمد زخمه منها، بل هو أكبر ثورة مضادة تواجهها الثورات العربية،
على الإطلاق؛ وهي تختلف بشكل جوهري عن كل ما شاهدنا من ثورات عربية تماماً؛ إذ أن "الثورة"
السورية:
الرئيسان الفعلي والاسمي لمجلس قيادة الثورة |
-
ابتدأت
بجهد خارجي، وهو جهد يتواصل اليوم، وتصفق لها أطراف دولية وإقليمية لا تثير
الارتياح إلا لدى تلك الفئة من المثقفين (الأردنيين بالمناسبة!) ممن حملوا ذات يوم أغبر الشموع على أبواب السفارة
الأمريكية، مستجدين الرضا وقبول طلب انتسابهم إلى قائمة المرضي عنهم.
-
أنها
ليست سلمية، بل عملية مسلحة، تنتهج أسلوب العصابات الإرهابية، ولا تتورع عن اللجوء
إلى مرتزقة مدفوعي الأجر وسلاح مستقدم من الخارج، يروع المدنيين ويغتال الشرفاء لمجرد انتمائهم لوطنهم.
-
وخلافاً
للثورات العربية الأخرى، التي تركزت في مظاهرات مليونية متواصلة، في الساحات
الرئيسية في المدن، فإن "الثورة" السورية تتركز في الأطراف وفي المناطق
الحدودية (لطبيعتها الإجرامية ولارتباطها بالخارج)، وتأخذ شكل المسيرات المتقطعة
والخاطفة في بؤر ضيقة ومحدودة.
-
والأهم
هنا، أن قوى هذه "الثورة" السورية، ودوناً عن كل الثورات العربية، وكما
حصل للعراق الذي أطاح به مخطط دولي مشابه، تختلف على علمانية "دولة
الثورة"، وتتفق على الانسحاب من الممانعة للسياسة الصهيونية – الأمريكية في
المنطقة، وتنأى بنفسها عن دعم المقاومة، وتلتزم بـ"معالجة" موضوع
الجولان سلمياً عبر المفاوضات.
لذا،
فمن التناقض والانفصام والسذاجة والكذب المدفوع الثمن، دعم "الثورة" السورية انطلاقاً من دعم ثورتي مصر وتونس، اللتين أربكتا المعادلات الأمريكية في المنطقة، لا سيما
الثورة المصرية التي سارعت بخطوات كانت معطلة أمريكياً واسرائيلياً لسنوات، مثل: انجاز المصالحة
الفلسطينية، وفتح المعابر مع غزة، وتسهيل حركة الفلسطينيين ودخولهم إلى مصر من
كافة المنافذ الحدودية ومن كل دول العالم!
ولكن الأمر
أخطر من ذلك، فلدينا ما يكفي من النخب الثقافية الفاسدة التي تصر على إغماض عيونها
وإغلاق عقولها عن حقيقة ما يجري في سوريا وتبدي اندفاعاً مريباً في اعتبار ما يجري
في سوريا ثورة، وهي نخب تعي تماماً الدور الذي تقوم به في سياق الثورة المضادة.
وهذا الدور، لا يقتصر على الساحة السورية، بل هو دور تخريبي يطال بقية الثورات
العربية.
إن من
يبيعنا اليوم، من عامة المثقفين، وطنية وإنسانية وديمقراطية بدعوى تأييده
لـ"الثورة السورية"، ويتهمنا بمناصرة الإصلاح في الأردن ومعارضته في
سوريا، هو في حقيقة الأمر ضد الإصلاح في سوريا وفي الأردن. من حيث هو يقف في طليعة
الثورة المضادة الكبرى..
وبطبيعة
الحال، يجب أن لا نتوقف عند هؤلاء..
لن نتوقف
عندهم، لأن علينا أن نتوقف هنا طويلاً، ونتأمل ملياً، حال "مجلس الأمن"،
الذي تحول إلى مجلس لقيادة "الثورة" السورية، تحديداً!
هزلت..!
هناك تعليقان (2):
وقفنا مع الحالة السورية اربعين سنة ولم نرى الا القمع والتخاذل وتكميم الافواه حتى الرعاة منهم يخافون الحديث بصوت مسموع وهم في الاردن مسافة . وانت تعلم وتدرك فكريا ان العبيد لا ينتجون حضارة ولا تزدهر الاوطان بهم نحن نعلم ان الداخل مفقود في سوريا من اصحاب الفكر الا كما هو في جميع البلدان العربية اذا كان من حزب الطبيلة وفي سوريا بالذات تسود الطبيلة بقوة القانون فمن ليس من البعث لا حرية له ولا كرامة وعلى طريقة الطبيلة ... اي ممانعة في سوريا والناس عبيد . ولكن لماذا سكتت امريكا واليهود من خلفهم عن بشار اذا كان يقض مضاجعهم وهل تنتظر حتى يشارف على السقوط فتتحرك ضده لتخفي سوءه عنا وتركب الموجة
انت انسان محترم بس هاي ثورة حقيقيةوكل انسان سوري يعرف كل شيء لكن لا يستطيع التكلم لشدة بطش الاجهزة الامنية التي تقوم بمداهمة البيوت الآمنةوتخريبها وتروع الأهالي وتقول لهم تريدون حرية باستهزاء لكن كلامك لن يغير شيء فللباطل ساعة والحق حتى قيام الساعة
إرسال تعليق