يقال
عن الأبطال الروائيين أكثر مما يقولون هم أنفسهم. وتدور من حولهم أحداث أكثر مما
يصنعون. وتنشغل بهم الكتابة (الروائية) أكثر مما ينشغلون هم بموضوعها.
إنهم يواجهون
مصيرهم، الذي يكون في الغالب محتوماً؛ ينجون منه أو يقعون في براثنه، وفي الحالين
يحظون بالنهاية اللائقة بـ"بطل" قد يحبه القراء بأصنافهم وعلى اختلافهم،
أو يبغضونه، فيحقق نجاحاً باستثارتهم.
والبطل
الروائي، سلبياً كان أم ايجابياً، في موقع أخلاقي أفضل دائماً من مختلقه. لأنه
يعيش التجربة، ولا يلقي بها على كاهل غيره. ثم أنه لا يراهن عليها ولا على سواها.
بينما مختلقه، البعيد عن التجربة، يراهن ويراهن، ويخطط مرة بعد مرة، ويزحزح رهانه
بعد أن ويعدل خططه!
بطبيعة
الحال، لا يندر أن يجد "البطل الروائي" نفسه يخضع للمحاسبة على أشياء لم
يبتدعها، ولم يقررها من تلقاء نفسه، وإنما أملاها عليه الكاتب نفسه، وألزمه بها،
أو فرضها عليه.
ولكن
هذا جزء من "قدره"!
لا يتردد
البطل الروائي، حتى لو دفع به إلى ارتكاب جريمة؛ لأنه ببساطة، ليس عقلاً مدبراً،
ولا قاتلاً.. إنه وحسب، مجرد أداة سيقت لتقوم بما أملاه كاتب النص. وقد لا تستوقف
جريمته القارئ، الذي قد يتجاهلها، في سورة استياء من سوء كتابة الكاتب، وضعف نصه،
أو قد يتفهمها في سياق روائي!
وبطبيعة
الحال، فإن في كل هذا مغريات تدفع بالإنسان إلى طلب المعاملة كـ"بطل
روائي"؛ حيث لا مسؤولية أخلاقية، وما من قلق إزاء المستقبل، أو شعور بضغط
الحاضر، إلى جانب التنعم بالتعامل مع الحياة من خلال مفاهيم تبقى مجردة، طالما أن
أحداثها التي تعبر عنها متخيلة، ابتدعها عقل يختبيء وراء السطور.
ولا
يتوقف إغراء حياة ووضع "البطل الروائي" عند ذلك، فإذا ما أسعفه الحظ
بكاتب موهوب، فإن كل ما يُكتب له من معاناة ومشاق، على المستويين الروحي والحياتي
اليومي، سيحفه الجمال من كل جانب.
وفي
الواقع العملي، لا يندر أن نتعثر في حياتنا بإنسان هنا، أو آخر هناك، يتقمص دور
"البطل الروائي". وهؤلاء دائما يفشلون لأن الصورة والفكرة تخدعهم،
فيغفلون قلق عن "البطل الروائي"، ويسقطونه من حساباتهم.
ولكن
ما الذي يقلق البطل الروائي..؟
يقلقه،
أن يتحول إلى مجرد إنسان "عادي"، ثقيل على النص والحكاية، وفاقد لمبررات
وجوده في الرواية؛ وذلك يحدث بأسوأ صورة حينما لا يكون لديه ما يقلق عليه، أو
يقلقه حقاً!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق