الأربعاء، 4 مايو 2011

رصاصة في آخر السطر

قتل. لم يقتل. قضى نحبه. لم يقض نحبه. أستشهد. ليس شهيدا. مات بشكل طبيعي منذ زمن. أو تم اغتياله على يد وحدة أمريكية خاصة في عملية استخباراتية، ربما كانت ثمرة لذلك العتاب "العاطفي" الذي تابعناه منذ أشهر قليلة بين "السي آي أيه" ممثلة بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، والـ"آي أس آي" ممثلة بالحكومة الباكستانية.

لا يهم. لقد مات الرجل!

من كان..؟

وهابي متزمت خرج على الوهابية المرتشية، وتمرد على العمائم الرسمية. حاد عن جادة الصواب. قد يكون، لكن من ينشأ في الزمان والمكان والفقه الذي نشأ عليه، فإن الحيدة عن جادة الصواب هي النتيجة الأقل فداحة، ربما؛ فقد يقبل أن يكون كالآخرين وهابياً بعمامة رسمية، تستضيفه القنوات والفضائيات، وتتناوب على نقل فتاويه المذهبية المذهلة!

ماذا فعل..؟

قدم أمثولة على قدرة الأفراد على مواجهة القوة مهما كانت عظمى وعاتية، وكان يسعى لإثبات الفكرة البديهية التي اهتدى اليها: "مواجهة التعقيد بالبساطة".. كان يدرك أن "العقل (الغربي) المعقد يسير في دروب معقدة"، فسلك في مواجهته دروباً بسيطة وبديهية، فقد كان يؤمن أن بوسع الميكانيكا أن تهزم التكنولوجيا الاليكترونية.

والأهم أنه أوصل رسالة هامة: إن العالم العربي (والمستضعف) ليس مجرد أنظمة تشترى، وشعوباً تستكين، بل ويمتلك كذلك الإرادة التي إن خنقت تتحول إلى طاقة منفلتة لا يمكن السيطرة عليها، وأن بإمكان وبمقدور هذا العالم المستضعف اللجوء بالتعامل بالمثل مع جبروت القوة العظمى.

وهذه رسالة مأثرة!

هل هزم..؟

ليس في الهزيمة عار، وليست هي المعيار. ومع ذلك، لا يمكننا القول أنه هزم. كان مجرد ردة فعل، وردات الأفعال تهدف إلى إيقاع الأذى، ولا تنشد نصراً. لأنها بالأساس، وبغض النظر عن اعتقاد أصحابها، لا تملك المعركة؛ وهو بهذا لم يهزم، لأن الصدى والأثر العظيم الذي أحدثه بأفعاله ضد أعدائه، يفوق بعشرات الأضعاف الأثر الذي أحدثته أفعال أعدائه ضده.

هل هو بطلنا..؟

هو قطعاً، ليس مثلنا الأعلى؛ ولكنه دليلنا القاطع على "فجور" القوة، وعلى انحطاط الغرب وقبلته أمريكا. إنه المثال الحي على لحظة يأسنا وما يمكن أن تفعل، ومثال على خياراتنا الأخيرة ومقدار قوتها التدميرية.

كلمة في الختام..؟

حينما يحتفلون بموته، دون أن ينظروا في المرآة إلى سحناتهم المتغطرسة وما تجره من كوارث، ودون أن يحاولوا أن يفهموا حقيقة دورهم في المأساة، وصنع الظاهرة؛ فإنني أفكر: لقد استحقوه عدواً!

وحينما أستذكر الثورات العربية، وأن شبابنا في العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، خرج من قمقم اليأس والإحباط، وأمسك بزمام المبادرة، ويتمسك بلحظة التغيير الشاملة، أدرك أن دوره انتهى، فأقول: يرحمه الله!


ليست هناك تعليقات: