السبت، 9 أبريل 2011

تشكيلة "أخوان" لكل الأذواق

أصبح الشغل الشاغل للناس في الأردن هو إصلاح الإخوان المسلمون، و"إعادتهم للصراط المستقيم"؛ وربما نشهد بعد قليل إطلاق برنامج توافقي بين "المعارضة" والحكومة لدعوة الإسلاميين إلى الإسلام!
 
والمتابع للحملة اليومية لهداية "الأخوان المسلمون"، التي يساهم فيها الجميع تقريباً على قدم المساواة، تعطي انطباعاً بأن هؤلاء هم الحجر الذي يقف عثرة أمام الإصلاح، وأن "هدايتهم" هي أولوية وطنية لا تتقدمها أولوية، وخطوة لا بد منها، ويتوقف عليها، إستئناف الحديث حول الإصلاح.

وللتذكير، هذه الحملة الجديدة القديمة، كانت بدأت في الأصل بهدف اتهام تجربة شباب 24 آذار، والتشكيك بحركتهم، وإحالة "مأثرتهم" إلى جهود وارتباطات غامضة لهم بالإخوان المسلمين.

وللتذكير أيضاً، فإن هذا الاتهام كان بوابة للقوى "المتناقضة" في "الساحة" للتنصل من تجربة شباب 24 آذار، وإدانتهم؛ وهو ما بادر إليه للأسف الأخوان المسلمون أنفسهم قبل غيرهم، ثم اشتركوا فيه واجتمعوا عليه مع منتقديهم ومتهميهم. وهو ما أسـس لموقف غريب قاد من يختلفون في كل شيء، إلى الاتفاق على الموقف من"الشباب".

ورغم غرابة الموقف، إلا أن ذلك لا يثير دهشة أحد، فهناك قناعة عامة (مردها التجربة) أن بواعث هذا الإجماع هو "تعليمات" هابطة بالبراشوت على "المفاتيح المؤثرة"، في هذه القوى المتناقضة في المواقف في المواقف ربما، ولكن خطواتها وسقفها محددان بالـ"تعليمات". ويبدو أن هذه الأخيرة نزلت، كذلك، كالقدر على الإعلام، الذي ارتدّ فجأة إلى البحث عن سقفه القديم، الذي سحقته الأحداث..

وهنا، يصبح من الضروري بمكان الاطمئنان إلى استقلالية شباب 24 آذار وتجربتهم، عن الأخوان المسلمين؛ وبنفس الدرجة والأولوية، ولنفس الأسباب.. يجدر أن يحرصوا على استقلاليتهم كذلك عن بقية القوى السياسية، التي اتضح أنها ليست سوى صنوفا مقلدة من "الأخوان" في أدائهم السيئ أثناء الأزمات.

وأدهى وأمر من ذلك، فإن أركان هذه الصنوف المقلدة من "الأخوان"، لا يتصرفون كقوى سياسية، بل بعقلية موقع إلكتروني صغير يقدم خدمات على حساب المهنة الصحفية لأجل ضمان الحصول على أموال الشركات المعلنة. وعملياً، نحن أمام دكاكين سياسية يحركها غيظها من منافسة "سوبر ماركت الأخوان" وسيطرته على سوق الصفقات السياسية، وقدرته على إثارة اهتمام الزبون الأهم في البلد. ومع الوقت ارتضوا أن يكونوا أداة بيد هذا الزبون يستخدمها كلما أعياه هذا "السوبر ماركت".

وهنا، كذلك، يصبح من الضروري أن ينتبه شباب 24 آذار إلى أن القاسم المشترك في الحالة العربية الراهنة، هو الشباب من خارج الأحزاب، أو الشباب خارج إرادة أحزابهم؛ ومتى ما تم التورط بالاعتماد والتعويل على بعض القوى التقليدية، من "المعارضة" أو المنشقين على الأنظمة، كما شاهدنا في ليبيا، انفتحت التجربة على جحيم من دمار وانحسار.

ويمكن لشباب 24 آذار أن يطمئنوا إلى أن أحداً لا يعتقد بأنهم يريدون أن ينفتح باب التغيير في الأردن على الفوضى، بل على الإصلاح؛ ولكن هناك من يلجأ إلى التلويح بالفوضى، لكبح جماح آمال وطموحات التغيير. وهذا أسلوب غير مقبول، يجب ألا يقبلوه وألا ينجروا إلى التعاطي معه، من موقع المسؤولية الوطنية وانطلاقاً من وعيهم بأنهم جزء من استحقاق تاريخي يفرض نفسه.

إن إغلاق الأفق أمام آمال وطموحات التغيير، يفتح الباب أمام شرور اليأس والإحباط. وهذه مسؤولية من يستخدم القوة (الأمنية والسياسية) لوضع حد للحراك السياسي السلمي، الذي ينتهج أسلوباً ديمقراطياً في التعبير وانتزاع حقه بالمشاركة. وهنا، بالذات، يمكننا وضع اليد على العديد من القوى، في الدولة والمعارضة، بينما تنفذ أجندات "غامضة" تعبث السلم الأهلي، وتغلق باب الأمل.

إن كان الإخوان المسلمون أصحاب أجندات غامضة، فإننا نجزم بأنها ليست خارجية. إنها أجندات بمرجعيات محلية؛ كما يمكننا أن نجزم كذلك أنهم ليسوا وحدهم من يتبناها وينفذها.

ونجزم كذلك، أن المشكلة ليست في "الأخوان المسلمين". المشكلة في أنهم باتوا يشبهون سواهم من القوى السياسية، وأن هذه الأخيرة باتت تشبههم؛ وأنه باتت لدينا، في الأردن، أغنى تشكيلة من "الأخوان" تلبي جميع الأذواق والمناسبات "الوطنية".

ولكن لدينا تجربة شباب 24 آذار واحدة، يحسن بشبابها أن يحافظوا عليها ويدركوا أن "المعارضة" التقليدية في العادة تكتسب نفس أمراض النظام، ومع الوقت تلتحق به، وتصبح جزءاً منه، وإن بقيت معزولة خارج الدائرة الرسمية في صالون "مستقل". 

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

تستغرب يا أستاذ ربط الحركة بالأخوان و للآن لم تنفي أو تعلق الحركة على أن متحدثها الرسمي معاذ الخوالدة هو ابن عبد المجيد الخوالدة القيادي بالأخوان فهل من العبط الشك بالتقاء المصالح بين القيادي و ابنه المتحدث, أم أنك لا تريد أن ترى؟

غير معرف يقول...

http://jordanianissues.blogspot.com/

لفت نظري مقالك واحببت ان اشير الى مقال على الرابط اعلاه في مدونة شؤون اردنية للمساهمة في النقاش