السبت، 17 ديسمبر 2011

لا تونس ولا مصر.. سوريا!


دون التنكر لسعادتي بما جرى في تونس ومصر، ومع الاعتذار لبعض الكثير من الأصدقاء والمتحمسين للأحداث فيهما، عليّ التصريح بأنني لا أعتبر ما جرى في هذين البلدين ثورة..!
الثورة، التي أعرفها، هي حراك الجماهير الواعي، الذي يفرز ابتداء طليعته القائدة، وتقوم على أساس برنامج اجتماعي واضح، وتستولي على السلطة لتنفيذ هذا البرنامج، لا لتهدي السلطة إلى أركان النظام نفسه، أو إلى فئات أخرى منه..!
ومع ذلك، فأنا لا أزال سعيداً بـ"انتفاضتي" تونس ومصر، باعتبارهما ضربة حقيقية وموجعة لمعسكر الاعتدال العربي الخانع والذليل، الذي كان على الدوام عنوان الهزائم والمصائب، وباب الخيانة المفتوح على مصراعيه..
ولكن هذه الضربة تبقى مجرد ضربة، وهي وحدها لا تكفي، رغم أنها أرعبت معسكر "الاعتدال" واضطرته للكشف عن حقيقته وعمالته للخارج، والتصرف على أساسها علانية؛ والزج بكل مقدراته وأوراقه في معركة لحرف اللحظة التاريخية عن مسارها المنطقي، فكشف عن زبانيته ومثقفيه وأمواله وأدواته وأساليبه وعملائه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون.. بديله الجاهز المتستر بين صفوف المعارضة الوطنية والاجتماعية..!
وليعذرني، مجدداً، الكثير من الأصدقاء والمتحمسين لأحداث تونس ومصر..
إن ما تم إنجازه في مصر وتونس اليوم، لا يرقى لأن يكون مقابلاً معقولاً للتطاول "الاعتدالي" على النظام السوري (مهما كانت مساوئه)؛ فعدا عن استبدال أهل السلطة في البلدين، لم يتحقق شيء يغري بالقول أن الشعوب أتمت تحررها، وأنجزت حريتها!
إن قوى تأخذنا إلى إسرائيل بدعوى أن لا نص في الدستور يقول بالعداء للصهيونية، كما يفعل الغنوشي والي تونس الجديد، ليست قوى ثورية، ولا تنطق بوجدان الثورة والشعب، ولا تستمد منهما شرعيتها!
وإن قوى تخرج في اليوم التالي لفوزها بنتيجة الصناديق الانتخابية لتتبادل رسائل التطمين مع إسرائيل، بدلاً من إرسالها إلى شعبها الذي صوًت لها، كما يفعل إسلاميو مصر، هي قوى لا تحترم الشعب، ولا تطمئن لتأييده، وتتأهب للانقلاب عليه، وعلى أمانيه!
وإن قوى تخرج في اليوم التالي لفوزها بنتيجة الصناديق الانتخابية، لتقول لنا بأنها لا تنوي إلغاء "كامب ديفيد" ولا قطع العلاقات مع إسرائيل، هي وريث شرعي لنظام مبارك، وتعبر عنه أفضل من أبنائه وزبانيته لو قيض لهم استلام السلطة خلفاً له!
وليتأكد الجميع، أن ما جرى في مصر وتونس لا معنى له، إن واصل البلدان السير على هذه الطريق؛ كما أنه لا معنى لانتصار الثورة في هذين البلدين لو تحقق فعلاً، إن قيض للثورة المضادة في سوريا -لا سمح الله- أن تنجح!
وليعذرني الجميع، فهؤلاء وأولئك، لا يمكن لهم أن يزاودوا على سوريا، ولا يحق لهم أن ينتقدوها، فسوريا التي عرفناها ونعرفها، لا تزال لغاية هذه اللحظة حالة متقدمة بالنسبة لأنظمة "الثورة" في هذين البلدين، على المستويات كافة. فما بالكم إذا تحدثنا عن دول مثل السعودية وقطر، وما أدراك ما قطر!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ما يحدث في سوريا هو ثورة شاء البعض أم لم يشأ
هي ثورة مضادة في خيالكم المبتلي بمرض الاستبداد الذي لا يدافع عن الأوطان، بل يسرقها وينهبها ويذل الشعوب باسم المقاومة
فاتكم القطاااااااار