الخميس، 15 ديسمبر 2011

ثمن التهاون العربي


منعت الدول الخليجية القمة العربية الطارئة، التي دعت إليها دمشق لمناقشة الملف السوري، من الانعقاد؛ واليوم تجتمع هذه الدول في قمة خليجية على مستوى القادة تحت سقف مجلس التعاون.
لن يكون مفاجئاً أن تتجاوز هذه القمة، التي يجري التحضير لها تحت عناوين "خليجية" معلنة، الشأن الخليجي الخاص، لتبحث ملفات إقليمية على رأسها الملف السوري، حيث من المتوقع أن تنطلق من صيغ تتذرع بالانصياع للإجماع العربي، وتأييد قرارات الجامعة العربية، وعدم القدرة على الخروج عن المنظومة العربية، لتمرر قرارات تعيد الحياة لمسار التخريب العربي على سوريا، بعدما أصابه الإعياء والخوار.
طبعاً، ستتناسى القمة أن ما يسمى "الإجماع العربي حول سوريا" هو بالأساس قرار خليجي، جرى فرضه على الجامعة العربية، بالآليات المعروفة، ولا تستطيع الدول العربية الخروج عليه، وليس العكس.
وستتناسى القمة، كذلك، أن الصوت الغالب في مجلس التعاون هو من سعى ونجح في تمرير قرار بتعطيل الصوت السوري في مجلس الجامعة العربية، في خطوة لا تهدف فقط تعطيل دور دمشق فقط، بل إلى تحويل "العمل العربي المشترك" إلى شكل "عربي" يتلقف التوافق الخليجي على الموضوعات العربية العامة.
لقد كان لافتاً أن دول الخليج التي وضعت فيتو على اجتماع القمة العربية الذي دعت له سوريا لمناقشة الأزمة التي تعيشها، بذريعة أن مجلس وزراء الخارجية العرب في حالة انعقاد دائم بخصوص هذا الملف، لم تجد حرجاً بالمقابل من الدعوة بعد ذلك بأيام لاجتماع استثنائي لمجلس وزراء خارجية دول المؤتمر الإسلامي، الذي انعقد فعلاً منذ شهر، لبحث الملف نفسه.
ومن جهة ثانية، لا تجد دول الخليج حرجاً، اليوم، من أن تجتمع تحت مظلة "مجلس التعاون"؛ كما لن تجد حرجاً في مناقشة مواضيع هي من اختصاص القمة والجامعة العربية، المؤسسة التي سيكون عليها لاحقاً تنفيذ قرارات أصحاب الجلالة والسمو.
يظهر في السياق أن الفيتو الخليجي على اجتماع القمة العربية، لا يستهدف تعطيل محاولات دمشق لإحباط المؤامرة التي تواجهها فقط، بل هو فيتو على "العمل العربي المشترك نفسه".
وفي الخلاصة، ليس من حق الشعوب، ولا حتى الحكومات العربية المعنية (تونس ومصر وليبيا والأردن والمغرب وغيرها طوعاً وانصياعاً، وسوريا قسراً وبقرار أرعن من مجلس وزراء خارجية حمد العربي)، أن يقرروا ويشاركوا في صياغة رؤية عامة للأوضاع في بلادهم ومستقبلها، بل عليهم الانتظار في أورقة الجامعة العربية إلى أن تتنزل عليهم الإرادة الخليجية.
قرار تعطيل عضوية سوريا، يشبه تماماً قرار العقوبات، من حيث هو يرتد على الأصوات والدول التي أيدته، فأدى إلى تحييد قدرتها في التأثير على مسار "العمل العربي المشترك"، الذي لم تعد تجوز عليه إلا الرحمة، وأصبح منذ حينه "عملاً خليجياً مشتركاً"..!
مبروك يا سادة، إنكم تدفعون ثمن تهاونكم..!

ليست هناك تعليقات: