الأحد، 20 نوفمبر 2011

ربّ عدو ظاهر


الدور التآمري الواضح، الذي يقوم به مجلس التعاون الخليجي ضد سوريا، يوفر ستاراً واقياً لأدوار خسيسة وراء الأبواب المغلقة، تقوم بها بعض الحكومات العربية..
ويقلقني بشكل خاص دور الحكومة الأردنية!
من الواضح أن حكومة عون الخصاونة، التي أعطت مبكراً إشارات قوية على أن الإصلاح ليس حاضراً في بالها، إنما جاءت لتفتح ملف الاشتراك الأردني في المؤامرة الغربية – الخليجية على سوريا، الذي كانت حكومة البخيت، بدرجة أو أخرى، تنأى بنفسها عنه، ولو من باب "اللي عندي كافيني".
وباختصار، فإن القاضي الدولي، الذي تم استدعائه للساحة الأردنية من لاهاي، ليس لازماً لتوفير الخبرة القانونية اللازمة لتسيير عملية الإصلاح، بل للإفادة من الخبرة الدولية في شيطنة الأنظمة الوطنية لغايات تجريمها، بغية تحطيمها خدمة للسيد الامبريالي، واستخدام خبرة وعلاقات الرئيس في تأمين حضور أردني في صدارة "التعامل" مع الملف السوري.
غير أن الأردنيين يريدون الإصلاح، وليس التورط ضد سوريا!
المقلق أن الإشارات الأقوى على النية في التورط في المؤامرة على سوريا صدرت عن الملك نفسه؛ وحقيقة أن الديوان الملكي عاد وحاول لفلفة الموضوع، يشير إلى أن المسألة تنطوي على مخاطر محرجة لا يمكن الدفاع عنها، من حيث أنها تمثل مقامرة لا تتوفر أدنى الحجج لتبريرها.
ويبدو الأمر وكأنما الملك، الذي قاوم الإصلاحات طوال نحو عام، ينهار في أيام أمام النوايا الحقيقية للمبادرة العربية الكيدية التي صممها العدو القطري الظاهر لسوريا.
ونحن لا نريد أن نكون العدو المستتر!
محاولة الديوان الملكي لـ لفـلفة تصريحات الملك شعوراً بالوقوع في ورطة، تدعونا إلى التفكير بأنه لا يجدر بالملك إجراء المقابلات الصحفية، والإقتداء بالملكيات الأوروبية العريقة، التي تفرض قيوداً على الملك باعتباره رأس الدولة لجهة الظهور الإعلامي ومغادرة البلاد؛ وبعض هذه الملكيات يعطي الملك وزوجته الحق في مغادرة البلاد لسفرة واحدة ولبلد واحد فقط بعد توليه الحكم، وللسياحية فقط!
وعموماً، ليس من المعقول أن تكون الزيارات الخارجية للملك، أي ملك، اعتيادية أكثر من جولاته الداخلية؛ وليس منطقياً أن تكون رحلاته خارج البلاد في عام أكثر من زياراته لأبناء شعبه في مناطقهم طوال فترة حكمه!
ومن جهة أخرى، فإن الملك إذ يلتفت اتجاه سوريا، اليوم، ويرى أن الزمن لم يعد يجيز ويحتمل أنظمة حكم الحزب الواحد، نتذكر نحن أن الزمن تجاوز منذ أكثر من قرن الأنظمة الملكية، وما بقي منها هي أنظمة استبدادية ظلامية معدودة جداً أو ملكيات بروتوكولية، لا تمنح الأسر الحاكمة والملك أكثر من ذلك الدور البروتوكولي.
وعلينا أن نعي جيداً أن الملكية الدستورية التي نطالب بها تعطي الولاية للحكومة كاملة، ولا تتيح لسواها التصدي للسياسة الخارجية للبلاد؛ كما ان علينا أن ندرك أن لا مكان لائق للأردن وراء قطر، ولا في "مجلس التعاون"؛ خصوصاً أن ذلك يعني تجاوز حقيقتنا التاريخية وفروض الجغرافيا، بوصفنا جزءاً أساسياً من بلاد الشام، والتورط بخيانة الشقيق القريب..
بلى، يجب أن نتذكر أننا جزء من بلاد الشام، وليس بلاد العم سام!

ليست هناك تعليقات: