الخميس، 17 نوفمبر 2011

العودة إلى سوريا


يتكون العالم العربي من عدة أقاليم، ويمكننا تصنيفها كالتالي: العراق منفرداً، بلاد الشام، الخليج، وادي النيل، والمغرب العربي. هذه الأقاليم تمثل أقله على المستوى الثقافي كيانات واحدة ومتجانسة، ومناطق ولاية على القرار العربي في مجالات متنوعة، وتتحكم به باعتبار أن هذه المجالات تقع ضمن نطاق سيادتها الوطنية.
لذا، فإنه يجدر بنا أن نلاحظ بكثير من العناية والاهتمام أن هذه الأقاليم جرى ويجري تمزيقها إلى فتات سياسي، وإفقادها بشكل ممنهج لسيادتها، وتحويلها إلى بلدان فاقدة للولاية على قرارها الوطني تماماً؛ باستثناء إقليم واحد هو الخليج، الذي تجري حثيثاً عمليات تصفية خلافاته البينية، وتجميع شتاته في بيته التقليدي "مجلس التعاون"، وتحصينه داخلياً، إلى جانب تمكينه خارجياً من السيطرة على قرار بقية الدول العربية.
والأمر واضح ولا يحتاج لبرهان:
لقد تم التخلص من العراق، وتم ضرب وادي النيل بتقسيم السودان، والآن تجري محاولات اختطاف ثورة مصر على قدم وساق، ويجري ذلك في المغرب العربي مع ثورة تونس، بعد تحطيم ليبيا، والدائرة تدور اليوم على سوريا واليمن المنبوذ من الخليج، إلى جانب استيراد المملكة المغربية من أقصى شمال أفريقيا لضمها إلى "مجلس التعاون".
هذا إلى جانب، إتمام عملية السيطرة على الجامعة العربية!
والملفت أن هذه العملية (عملية السيطرة على الجامعة العربية) لا تكتفي بتحويلها إلى مسرح تؤدي الدول عليه أدوارها المرسومة مسبقاً وعنوة، بل جرى تقزيمها لتتحول إلى مجلس وزراء خارجية، لأن المطروح أن يكون مستوى القمة الذي يقود الجامعة هو قمة مجلس التعاون.
والمثال السوري للمستقبل واضح: تجتمع دول مجلس التعاون، وتقرر أن على الجامعة بحث الملف السوري، فيحصل ذلك في ظرف أيام. وحينما تدعو سوريا (وهي عضو مؤسس في الجامعة)، يأتي الرد سريعاً من أمين عام "المجلس" بالرفض، فلا قمة على المستوى العربي تقرر سوى قمته!
ببساطة، ستغدو الدول العربية الأخرى دولاً من الدرجة الثانية؛ وشعوبها شعوباً من الدرجة الثانية، تناقش قضاياها، ويتم التقرير بشأنها في "الخليج"، الذي لن يتعامل معها إلا إذا قبلت تحويل "الجامعة" إلى إطار إقليمي يضم تركيا وإسرائيل.
وبالنسبة للأردن، فلا مكان له بعد في "المجلس"، لأنه لا يمكن أن يكون في موقع يمنحه حق الشراكة برسم "القرار العربي"، الذي يراد له أن يكون حصريا بيد الدول الخليجية الستة؛ وعليه، فليطو المتلهفون على عضوية مجلس التعاون لهفتهم وملف العضوية، فهذا لم يعد مطروحاً، وبشكل قطعي..
والخطوة المنطقية الوحيدة لمواجهة هذا الواقع، هي: التضامن مع سوريا!

ليست هناك تعليقات: