الاثنين، 14 نوفمبر 2011

قطر واللعب مع الكبار


تحاول قطر التحرر من حجمها الجغرافي والسكاني البالغ الضآلة، باتجاه لعب دور إقليمي كبير؛ وإذا كان هذا حقاً لها، مثلها مثل أية دولة أخرى، فإن ذلك لا يجعلها قادرة على تجاوز الحقائق الأساسية، وهي:
إن قطر تؤسس لهذا الدور في التضاد مع مصالح جوارها الحيوي، سواء العربي منه أو الجوار الإيراني القريب. ولهذا ثمن وكلفة سياسية فادحة، سيستحق دفعها عاجلاً أم آجلاً. ولن يعفيها هذا الدور من تكبد ضرائبه الباهظة.
تعتقد قطر بينما هي تتعامل مع الملفات الإقليمية، أنها وحسب تتعامل مع أنظمة عاجزة وشعوب مغلوب على أمرها، ويسهل تضليلها. وتنسى أنها من خلال تمدد دورها تضيق المساحة على حركة ومصالح دول كبرى، وربما عظمى. هذه غلطة بألف..!
تحاول قطر ربط حجم دورها المنشود بحجم إمكانياتها (الثروة)؛ وهي هنا، تنسى أن الثروة بحد ذاتها ومهما عظمت، ليست اقتصاداً، وهي قبل هذا وذاك ليست سوى بعداً واحداً من أبعاد معادلة الحجم الكلية، التي يمكن أن يستند إليها أي دور إقليمي. وبالتالي، فإن الدور القطري مهما تعاظم وبدا قوياً وفاعلاً وتعددت أدواته، إلا أنه يبقى مهدداً بهشاشته الحتمية.
وبحسابات معادلة الحجم الكلية، فإن قطر ليست نداً لسوريا ولا لمصر أو الجزائر أو السودان أو اليمن، ولا هي ند حتى لليبيا، فهذه وهؤلاء هم، بالمقارنة مع جزيرة عطوفة الشيخ.. كبار، أي بلدان حقيقية فيها شعوب لا يجدر به اللعب معها أو التلاعب بها، مهما واتته الفرصة، ومهما كان الحظ والظرف حليفاه!
ومن جهة أخرى، فإن الدول في العموم، وحتى العظمى منها، تحرص على موازنة دورها الإقليمي مع درجة الإيذاء التي يمكن أن يتسبب بها هذا الدور للآخرين. إذ أن تحقيق المكاسب مع درجة عالية من الإيذاء تعد أمراً خطيراً، له بالضرورة ارتدادات وردود فعل قاتلة. بينما تتعامل قطر بمنطق الاستقواء، الذي يعتمد على معطيات اللحظة الراهنة، معتبرة "القوة" التي تتمتع بها نهائية ودائمة.
وتعتقد قطر أنها تؤمن على نفسها تجاه أية تبعات سلبية يجرها هذا الدور من خلال التحول لحاملة طائرات أمريكية في الخليج، والتحول لمعسكر للجيش الأمريكي. ولكن الأمريكيين يبحثون اليوم خيارات نقل مركز الأسطول الخامس من جارتها البحرين، وينسحبون في الأثناء من العراق.
وتقول التجربة التي عاشتها الولايات المتحدة، التي تجبرت على العالم بأسره، أنها كانت عاجزة عن حماية نفسها من ردة فعل يقوم بها بضعة رجال منفردين (أحداث 11 سبتمبر). في حين أن التجربة الكويتية في محاولة لعب دور إقليمي يفوق حقائق الجغرافيا، ويتجاوز على التاريخ، ومآلاتها الكارثية ما تزال ماثلة للعيان..!
هذا ما يجب تذكره بينما نراقب الزهو والتبجح القطري بما يحسب أنه قوة مطلقة، وموقف سياسي واقتصادي راسخ. فهذا كله لن يساوي شيئاً أمام حقيقة أن القطريين استعدوا شعوبا عربية بأكملها، وأسهموا بدمار مدن وبلدان ودول كاملة..
إنها ببساطة، تغامر بنفسها، وتضع نفسها في فم الأسد. غير أنه ليس أسداً واحداً، ولا من طبيعة وطينة واحدة. فما بين كيد الأنظمة المعادية، وريبة الأنظمة الحليفة، وسخط الشعوب، وردود فعل الأفراد المقهورين، هناك جحيم لن تستطيع تجنبه شبه الجزيرة القطرية الغارقة في عسل آمان القاعدة الأمريكية.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

احسنت يا اخ ياسر بوصف قطر, وهذا Linkلقصيدة جميلة لشاعرنا الغنائي السوري المعروف صفوح شغالة عن قطر واميرها للقراء:

http://www.youtube.com/watch?v=wqa6aIZLZ3Q&feature=related

غير معرف يقول...

احسنت يا اخ ياسر بوصف قطر, وهذا Linkلقصيدة جميلة لشاعرنا الغنائي السوري المعروف صفوح شغالة عن قطر واميرها للقراء:
http://www.youtube.com/watch?v=wqa6aIZLZ3Q&feature=related

العنود فجر يعقوب