الأحد، 9 أكتوبر 2011

جائزة عالمية وشخصية محلية

حينما يفوز بجائزة عالمية، مثل جائزة نوبل، كاتب أو عالم أو ناشط غير عربي، لا نعرفه، ولم نسمع به في عالمنا العربي، على اختلاف مستوياتنا وتنوع ثقافاتنا، ونكتشف أنه شهير جداً في بلاده أو في أوروبا أو بقية أنحاء العالم، هذا أمر مفهوم. ولا يشذ عن توقعاتنا وما نعرفه عن أنفسنا من جزئية المعرفة والاتصال بالعالم وثقافاته.
ولكن.. حينما يفوز بمثل هذه الجائزة، أو غيرها، كاتب أو عالم أو ناشط عربي، لا نعرفه، ولم نسمع به في عالمنا العربي، ونكتشف أنه شهير جداً في أوروبا أو أمريكا أو في كليهما معاً، فهذا أمر غير مفهوم تماماً. ويشذ عن توقعاتنا، وما نعرفه عن أنفسنا، من غياب لمهاراتنا وإمكانياتنا في الترويج، والتسويق، والاتصال بالعالم وثقافاته.
وهذا يشير، بمعنى ما، وهو معنى مريب، إلى أن الغرب الأوروبي والأمريكي ينتقي منا بعضنا، ويسوقه، ويروجه، ويقدمه للعالم باعتباره وجهنا، وصورتنا، وصوتنا، دون أن يعني هذا أنه يمثل كل ذلك فعلاً؛ بل ربما يمثل، في واقع الأمر، ما يريدنا الغرب الأوروبي والأمريكي أن نكونه!
الفائزة اليمنية بجائزة نوبل للسلام تنتسب لفئة الفائزين الذين لم يسبق أن سمعنا بهم، ولا نعلم عنهم شيئاً؛ وهي بالمقابل تحظى بالاهتمام الغربي، إن لم نقل بالشهرة في الغرب؛ فخريجة جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء بكالوريوس تجارة عام 1999، التي تحولت فجأة إلى دراسة الصحافة الاستقصائية ونالت الدبلوم فيها من الولايات المتحدة الأمريكية، سبق أن اختارتها مجلة "التايم" الأمريكية في المرتبة الأولى لأكثر النساء ثورية في التاريخ، كما حصلت على المرتبة الثالثة عشر في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم حسب اختيار قراء نفس المجلة، كما تم تصنيفها ضمن أقوى 500 شخصية على مستوى العالم، وحصلت على جائزة الشجاعة من السفارة الأمريكية، وتم اختيارها كواحدة من سبع نساء أحدثن تغييراً في العالم من قبل منظمة "مراسلون بلا حدود"، وغير ذلك الكثير من تنويهات مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الدولية.
ومع ذلك، فنحن لم نسمع باسمها قبل نوبل، ولا نستطيع الآن بعد الجائزة أن نقول بأننا عرفناها. ولكننا نعرف أن التقصير العربي، الذي قد يكون مذنباً، ليس  السبب الرئيس وراء ذلك؛ بل على الأرجح هو عدم قدرتنا على التنبؤ بما يريده الغرب لنا، وتقاعسنا عن التعامل بجدية مع فكرة أن الغرب يتمسك بصورة من إنتاجه ويريد إعادة تشكيلنا لنكون على شاكلتها، ويستخدم في ذلك وسائله الخشنة والناعمة، على حد سواء!
ويبدو أن هذا الغرب، الذي يختار لنا قادتنا وزعمائنا، يتجه اليوم ليختار لنا قادة معارضتنا، وكتابنا، وعلمائنا، وربما –في مرحلة لاحقة- أزواجنا وزوجاتنا، أيضاً!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

هناك مقولة تقول: نباح الكلام لا يضير السماء