الأحد، 9 أكتوبر 2011

"إسلاميو الثورات" ونوبل


بقلم: محمـود منـير
mahmoudmunir@gmail.com
لا أدقق بجوائز نوبل طويلاً، رغم متابعتي السنوية لحقل الآداب، فهي محصلة نظرة المركز الغربي إلى أطراف العالم، ولا نفع إن فاز بها مؤيد للغرب أو الشرق، ما دامت هذه النظرة ثابتة لا تتغير.
الزميل ياسر أبو هلالة لملم جملة من الرغبات المتناقضة في مقاله حول كرمان وأدونيس أمس، بدأها بتوقعه الأكيد حول ضرورة تكريم الغرب للثورات العربية، ومحاولته إخضاع القارئ لمقولته هذه التي تضمر انتظاره وتسليمه بالتكريم ونزاهته.
"نزاهة" يفترضها الكاتب لمجرد ايمانه أن منح نوبل للسلام لأخت مسلمة (تنتمي إلى الإخوان المسلمين) هي مفارقة أو مفاجأة تستحق الاعجاب والتقدير، وعلينا أن نتمثل مفاجأته ونسلم بأفكار مقاله كاملة!
وخلال هذه المقدمة غير المتوازنة، ينبغي تحمّل أمنيات كاتبها، فهو سيحزن لو حصل على الجائزة أدونيس ويحب أن تفوز المدونة طل الملوحي، وهي أمنيات لا يُنظر إليها بمعزل عن التماهي مع نظرة الجائزة وتصنيف أهلها لنا ولثقافتنا.
طوال عقدين من ترشح أدونيس لنوبل، رآه النقاد الغربيين كاتبا شرق أوسطي وليس عربيا، وتعامل معه وفق ثنائيات: غرب وشرق، حداثة المركز الغربي ونقلها إلى الأطراف، ديمقراطية واستبداد وغيرها.
إزاء هكذا نظرة فوقية استعلائية تعترف بنا ساعة تريد، وبحسب مواصفاتها ومقايساتها فإن الجائزة تغدو حدثاً عاديا لا يهم سوى منتظري الاعتراف لعلهم يتمكنون من احترام ذواتهم والوثوق بمنتجهم الفكري أو سلوكهم السياسي.
بعد الجائزة - الاعتراف يمكن لبعض الكتّاب العرب الركون إلى صواب آرائهم والمضي باندفاع نحو "أسلمة" الثورات، لأن الغرب تكرم علينا -أخيراً- وقدّر للإسلاميين دورهم في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان والنضال من أجل الديمقراطية!
لست متهكماًَ، إن ادعيت أن "تقديراً غربياً" يكفي الإسلاميين، وعندها لن يضطروا إلى اعتراف "أبناء جلدتهم" من يساريين وقوميين، إذ يلفت أبو هلالة في مقاله انتباه اليساريين والقوميين إلى "اعتراف" الغرب بهم مقابل اتهام اليسار للإسلاميين بـ"سرقة الثورات".
من سرق الثورة؟ لم يعد مهماً عقب الاعتراف الغربي الخطير بـ"إسلاميو حقوق الإنسان والديمقراطيات"!
 (العرب اليوم. 2011-10-09)

ليست هناك تعليقات: