موفـق محـاديـن
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net
ما أشبه اليوم بالبارحة، كما تقول العرب، فالتاريخ حسب
ماركس، يُعيد نفسه مرتين، مرة على شكل تراجيديا، ومرة على شكل كوميديا .. وبهذا
المعنى فمؤتمرات بعض المعارضين السوريين بين فرنسا وتركيا، تذكرنا بالتحضيرات التي
شهدها مؤتمر باريس 1913 ودور القناصل الفرنسيين في اسطنبول آنذاك ومراسلاتهم
ونصائحهم:
1- في حزيران
1913 شهدت العاصمة الفرنسية انعقاد ما عرف بالمؤتمر العربي الاول "معظم
الحضور من سورية" وكان ابرزهم ندره مطران، شكري غانم، عبدالحميد الزهراوي، ميشال
تويني، اسكندر عمون، خليل زينيه، خير الله خير الله، وقد ثبت لاحقا ان اغلبيتهم
كانوا عملاء للمخابرات الفرنسية وذلك وفق الوثائق الفرنسية كما اعاد وجيه كوثراني
نشرها في كتاب صدر عن دار الحداثة في بيروت 1980 "سنعود للحديث عنهم".
وحيث
تحدث المشاركون في المؤتمر كثيرا وطويلا عن فرنسا الصديقة ودورها في تحرير سورية
وبناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية فيها كان بيشون وزير الخارجية الفرنسي قد تلقى
برقية من الوزير الفرنسي المفوض في مصر، دوفرانس تتحدث عن الاتصالات السرية بين
الدول الكبرى لرسم مستقبل المنطقة وتقسيمها لمناطق نفوذ بينها وفي تقرير لاحق
لوزير الخارجية، بيشون فان الجالية السورية في فرنسا منقسمة بين تيارين: تيار يدعو
للحماية "المدنية" وتيار يدعو لاستعمال القنابل وإثارة الفوضى لتبرير
التدخل الاجنبي (4-6-1913).
2- اما كبار
المشاركين في المؤتمر فأبرزهم خليل زينيه الذي وصفته رسالة موجهة من قنصل فرنسا في
بيروت السيد كوجيه، الى بيشون، وزير الخارجية، بانه مخبر وعميل للدوائر الفرنسية "الرسالة
موقعة بتاريخ 16-5-1913".
اما
الشخصية "الاكثر اعتدالا وهيبة في المؤتمر" واكثر نفوذا في اوساط الرأي
العام السوري فقد كان نائب حِمص، عبدالحميد الزهراوي "شخصية محببة عند غليون"
وهو من حِمص ايضا .. ومن جملة ما قاله في خطابه الشهير امام المؤتمر "ان
الغرب خاصة فرنسا نموذج للشرق، وان الصراع ليس مع الاستعمار الاوروبي بل مع الفساد
الداخلي".
كما
رد الزهراوي على مداخلة للسيد محبوب الشرتوني تساءل فيها عن حقيقة حرص بعض الدول
على الحرية في سورية وتحدث عن مطامعها الاستعمارية.
وقد
قال الزهراوي في رده انه ليس من شأن المؤتمر التحدث عن السياسات الخارجية لهذه
الدول الصديقة بل ينبغي التركيز على شؤوننا الداخلية..
وهو
ما اكده خليل زينيه داعيا الى منع الكلام عن سياسات الدول الصديقة، وقد صوت
الحاضرون على هذا الاقتراح..
ومن
المشاركين الآخرين، مجموعة بزعامة الشيخ احمد طباره من دمشق الذي لم يشر في كلمته
الى الهوية العربية لا من قريب ولا من بعيد مؤكدا هويته العثمانية من دون ان يمانع
بالتعاون مع الفرنسيين.
(العرب
اليوم. 2011-10-10)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق