الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

سورية.. لمراجعة الموقف

ناهض حتر
ynoon1@yahoo.com
راجع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، موقفه من الوضع في سورية. فقد كان، إلى وقت قريب، يعبّر عن مأزق الحركة إزاء أزمة النظام السوري، بالصمت والسفر وبإعلان التقارب مع الرئيس محمود عباس.
حركة حماس هي جزء من الحركة الاخوانية التي تصدرت الحملة لإسقاط النظام السوري. وربما كانت حماس تحظى بالإستقلالية، لكن صلاتها الوثيقة مع قطر والجزيرة والمرجعية الإخوانية يوسف القرضاوي والإخوان الأردنيين والمصريين، لم تترك لحركة حماس فرصة المناورة. وفي المقابل، كانت دمشق هي التي قدمت الملاذ والدعم للقادة الحمساويين، حين عز الملاذ وحين كانت استضافتهم مكلفة وخطرة على المصالح السورية.
خلال فترة القلق والتردد السابقة، اكتشفت حماس أن دمشق ما تزال العاصمة العربية الوحيدة القادرة على استضافة حركة مقاومة وحمايتها وتأمين استقلالها السياسي. وهذه النتيجة، بحد ذاتها، لها دلالة لا يمكن تجاهل مغزاها. لكن، بالمقابل، مرت أوقات كادت فيه العاصفة أن تقتلع النظام السوري وتاليا سقوط الجبهة السورية - اللبنانية (حزب الله) - الإيرانية. وصحيح أن " الإخوان" السوريين هم القوة الرئيسية المعدة للنظام الجديد في سورية، لكن لهذا النظام الجديد التزاماته نحو الخليج والغرب. وهي التزامات سوف تطوي صفحة المقاومة والممانعة إلى وقت طويل. ثم هناك التساؤل حول ما إذا كان سقوط النظام السوري، سيؤدي إلى حرب أهلية وفوضى أمنية كالتي في العراق، ما يترك حماس في وضع صعب للغاية.
صمود النظام السوري، في النهاية، أنقذ حماس من مأزقها، فاختار مشعل - رغم معارضيه - الإعلان الصريح عن تأييده للرئيس بشار الأسد. وهذا ما يؤكد أن الطابع الرئيسي لحركة حماس يتمثل في كونها تنظيما وطنيا فلسطينيا بالدرجة الأولى. وهو ما يحررها - نسبيا¯ من القيود الأيديولوجية والارتباطات التنظيمية مع الحركات الشقيقة.
ردة فعل رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، على تراجع الانتفاضة السورية، كانت غاضبة، وقد دفعته إلى إصدار تصريحات تحريض نارية وتصعيد إجراءات الحصار. ولأنقرة، مصلحة استراتيجية في اسقاط النظام السوري واخضاع سورية لعملية التمدد العثماني الجديدة في العالم العربي. ولا بد أن أردوغان يطمح إلى أن يزور سورية ، مثلما زار ليبيا النيتو، " غازيا" على رأس جيش من رجال الأعمال. وتركيا - وهي عضو في النيتو- لا تخرج ولا يمكنها أن تخرج، في طموحاتها العثمانية، عن إطار السيطرة الاستعمارية الغربية، والشراكة معها. بينما لكسب القلوب في العالم العربي، فهي مضطرة لمناوأة إسرائيل في حدود لا تقترب من الصدام.
ارتكب أردوغان فضيحة كشفت مذهبيته المضمرة، حين وصف النظام السوري بأنه " علوي"، ناسيا أن عشرين مليونا من مواطنيه الأتراك هم علويون أيضا. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التمرد الكردي - التركي والتيارات العلمانية واليسارية التركية الرافضة للتدخل في سورية، نستطيع أن ندرك حجم القلق الذي ينتاب أنقرة إزاء استقرار النظام السوري المعروف عنه صبره و قدرته على الرد المؤلم في الوقت المناسب.
أثبتت الحكومة العراقية، قدرا من الاستقلالية عن واشنطن من خلال تقديم الدعم للنظام السوري، وفي لبنان، فإن الذي يتصدر الدفاع عن الاستقرار في سورية وعن سلاح حزب الله، ليس أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، إنما البطريرك بشارة الراعي.
في الأردن أبدى الملك عبدالله الثاني، نوعا من الحياد الإيجابي في تصريحات شككت بإمكانية حصول تغيير في سورية في المدى المنظور. ومن المرجح عندي أن عمان - التي بدأت تستشعر تصاعد العدوانية الإسرائيلية إزاء سيادة ومستقبل الأردن - تدرك أن سقوط النظام السوري سوف يضعف قدرة الأردن على مواجهة التطورات.
لدى سورية القدرة على استيعاب آثار الحصار السياسي والاقتصادي. وربما تكون هذه اللحظة هي المناسبة لبث الدفء في العلاقات الأردنية - السورية، سواء لجهة تحصين الموقف في مواجهة إسرائيل أم لجهة تطوير التعاون الاقتصادي.
(العرب اليوم. 2011-09-28)

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ان اجمل رسالة وصلت حتى الان من السوريين الصامدين في سورية الحبيبة لخالد مشعل وربعه من العرب كانت رسالة مفتي الجمهورية العربية السوريةاليوم. رسالة مفتي ال ٢٣مليون سوري سماحة الشيخ العزيز احمد بدر الدين حسون ابو الشهيد الغالي سارية التي ارسلها اليوم من قلب أب جريح تختصر الكثير مما يعتمل قلوب السوريين من ألم .
حنان شمعون