يدعو
الصحفي الفرنسي الشهير تييري ميسان، الذي قام بجولات في أنحاء سوريا وليبيا وتواجد
في غيرهما من البلدان العربية التي تشهد اضطرابات، إلى تقديم إعلاميي الجزيرة
والـ"سي. إن. إن" والـ"فرانس 24" وغيرهم، للمحاكمة الدولية بتهم
ارتكاب جرائم ضد الإنسانية..
ويرى الصحفي الشهير إن ما يقوم
به هؤلاء يتجاوز نطاق خرق الأمانة وشرف المهنة، ويندرج في إطار الأعمال الإجرامية
ضد شعوب بعينها، والترويج لاستخدام العنف في خدمة السياسة، والتسبب بمقتل العشرات
من الأفراد، إلى جانب تشجيع عمليات القتل العشوائي وتوظيفها في أهداف سياسية، والتستر
على القتلة الحقيقيين.
ويبني ميسان موقفه هذا على
استقصاءاته المباشرة لنشاط الإعلام، من خلال مقارنة ما يجري على الأرض فعلاً في
الدول المعنية، بما تبثه الفضائيات على شاشاتها، ثم على دراسته لظروف تعامل هذه
المؤسسات الإعلامية مع الأحداث؛ فيخلص إلى أن هذه الفضائيات تتقصد وتروج عن سابق
قصد وإصرار مواد مفبركة توافرت لديها عشرات الفرص لاكتشاف عدم صدقيتها، وأخباراً
موجهة وتحريضية، تهدف إلى إذكاء الصراعات المسلحة، دون أدنى اهتمام بالكلفة
البشرية.
ويذهب ميسان إلى ما هو أبعد من
ذلك؛ فهذه المؤسسات الإعلامية لم تتقصد فقط استخدام مواد مفبركة تعلم بحقيقتها
والاعتماد على مصادر منحازة ومتورطة في الصراعات في البلدان المعنية فقط، ولكنها
كانت تشجع وتسهم في التزييف والفبركة.
ويرى ميسان، كذلك، أن هذه
المؤسسات الإعلامية لا تفعل ذلك اعتباطاً، وبحسن نية أو من باب الفشل في تحري
الموضوعية والدقة، بل تنفيذاً لبرامج وخدمة لأهداف سياسية مباشرة، وهو ما يقود إلى
القول بأن الإعلامي بات شريكاً أصلياً في الجريمة مع السياسيين وعملاء الاستخبارات
الدولية، من مشعلي فتيل الحروب والصراعات المسلحة.
وهم بالتالي، يحجزون لأنفسهم
مكاناً إلى جوار مجرمي الحرب في أية محكمة دولية قد تتيحها الظروف يوماً ما؛ فهم
لا يختلفون عن إعلاميي هتلر، والنازية.
ويخص ميسان بهذا إعلاميي
"الجزيرة" و"العربية" والـ"سي. إن. إن"
والـ"بي. بي. سي" والـ"فرانس 24" بشكل رئيسي؛ ويتهمهم بالمشاركة
الواعية بالجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبت في أكثر من مكان، منها سوريا وليبيا.
ونحن نعتقد، كذلك، أنه لم يعد
هناك فرصة لإدعاء البراءة، فما يجري بات مكشوفاً؛ كما لم يعد هناك مجالاً للاحتماء
بالمهنية، فهذه كانت أول ضحايا هؤلاء الإعلاميين، الذين يستحقون فعلاً رحلة ميسرة
إلى لاهاي، والوقوف في منصة الاتهام، كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية، إلى
جانب الطغاة وغيرهم من مجرمي الحرب.
لقد حان الأوان، ليعلم
الإعلاميون أن اختباءهم خلف السياسيين لن يفيدهم، وان حصانتهم الصحفية لا تعفيهم من المسؤولية، ولا تتيح لهم التملص من
شراكتهم مع السياسيين وعملاء الاستخبارات الدولية في ارتكاب جرائم الحرب، وتزوير
إرادة الشعوب، وانهم سيكونون مسؤولين جنائياً عن كل ما يقترفونه من أفعال.
وهنا، إذ نستذكر كل من اتخذ
موقفاً واستقال احتجاجاً على ضلوع المؤسسات الإعلامية بجرائم حرب، ورفض التورط
بالجرائم التي ارتكبتها وترتكبها ضد الإنسانية، فإنه يخطر بالبال أن محكمة شعبية
لمجرمي الحرب من الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، قد تكون صرخة ضمير في وجه هؤلاء
الذين استمرأوا المشاركة في قتل الشعوب وتزوير إرادتها.
وهذه مسؤولية تقع بالدرجة
الأولى على عاتق المؤسسات التي تعنى بالإعلام، وتمثله، وتدافع عن استقلاليته!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق