الاثنين، 29 أغسطس 2011

من خريف العقيد إلى خريف ليبيا


بقـلم: موفـق محـادين
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net
في عملين روائيين للكاتب ماركيز، يتناول الطاغية؛ في الأول (خريف البطريرك) ويقصد الجنرال الحاكم، ويتناول في الثاني (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه) قصة عسكري آخر شارك في ثورة قديمة وأقصاه البطاركة (الجنرالات) وكما خرج الاثنان من الحياة السياسية في غالبية أمريكا الجنوبية، حيث يعيش ماركيز، فقد خرجا من ليبيا متأخرين عقدين كاملين، البطرك القذافي من باب العزيزية، والكولونيل جلود من باب اللجان الثورية.
ولم يعد هناك من معنى لأي حديث عن خريف القذافي حيث دخلنا في خريف ليبيا. فطرابلس لم تحرر بل سقطت تحت قصف الناتو، وكان يمكن أن نشارك الشعب الليبي فرحته لو أن أهالي طرابلس هم الذين اقتحموا أسوار الباستيل في باب العزيزية وليس طائرات الناتو ويذكرنا الذين سرهم غاية السرور ما سموه تحريرا حضاريا نظيفا للمدينة، برسالة القائد العسكري للمستعمرين البيض الأمريكان إلى مقر القيادة على ضفاف نهر البوتوماك بعد أن احرق مدن وقرى الهنود الحمر على تلك الضفاف: (لقد أنجزنا المهمة بصورة حضارية نبيلة رائعة وأزلنا المتوحشين منها بخسائر قليلة (وكانت خمسين ألف متوحش، فقط..) ولم تكن خسائر الشعب الليبي منذ شباط الماضي وحتى احتلال طرابلس اقل من ذلك.
لكل ذلك، فأمام شرفاء وأحرار ليبيا الذين يرفضون عودة الاستعمار لبلدهم ونهب مقدراته، ان يوحدوا صفوفهم كما حدث في العراق بعد احتلاله ويمنعوا عودة هذا الاستعمار سواء كانوا في صفوف الذين ثاروا على العقيد أو كانوا من أنصاره أو كانوا مستقلين.
ومن نافل القول هنا، أن الوكالة الأمريكية الدولية بصدد توزيع التركة الليبية بين شركاتها والشركات التركية وتأمين صندوق نفط للانبعاث العثماني، حصان طروادة الأمريكي الجديد في الشرق كله، لاستيعاب الحراك الشعبي العربي في خطاب طائفي، يقطع الطريق على الهلال الشيعي ويعوض الوعود الأمريكية لأنقرة بسورية.
ومن نافل القول، ثانيا، أن علينا انتظار دوامة عنف أهلية على أنقاض جماهيرية العقيد وليس دولة تعددية ديمقراطية فالناتو ومرتزقته لم يدمروا ليبيا من اجل سواد عيون الليبيين وحقوق الإنسان، بل من اجل سواد عيون النفط.
وكما لم يتردد الناتو عن الطيران فوق ليبيا باسم التدخل الإنساني، لن يتردد عن الهبوط على أرضها باسم وقف الحرب الأهلية القادمة.
(العرب اليوم. 29.08.2011)

ليست هناك تعليقات: