السبت، 20 أغسطس 2011

سورية لا تزال بعيدة

بقلـم: محمـود مـنير

mahmoud1st@hotmail.com

يُظهر وقوف رابطة الكتّاب الأردنيين مع الحراك الشعبي في سورية، في بيانها الأخير، انخراط عشيرتي الكتّاب في تسوية "باهتة"، تنسجم مع سلوكياتهم "التوفيقية" تجاه مجتمعهم، والسلطة أينما حلت وارتحلت.

تتبدى تناقضات البيان المذكور في إدانته النظام السوري، ومطالبته بالإصلاح لتبقى سورية قلعة حصينة للمقاومة، وتصمد في وجه المؤمرات والتدخلات الخارجية.

كلا العشيرتين لا تؤمن بالبيان/ التسوية بكامله، إنما أراد ممثلو التجمع في الهيئة الإدارية، إحراج رئيس الرابطة وكتلة القدس، في سياق مماحكة سياسية حول الموقف من سورية، لم تشهده دولة عربية أخرى رغم انقسام مثقفيها حول الأمر أيضاً.

بدوره، اعتقد رئيس الرابطة ومعه بعض رموز القدس أن هذه التسوية تدفع عنهم الحرج من جهة، وأنها توقف "انقسام" الرابطة الذي هدد به بعض الكتّاب.

كتّاب التسوية أطلقوا نكتة "سمجة"، فلا مماحكاتهم السياسية ستنتهي، والإحراج سيبقى قائماً لدى "المعطلين" إصدار بيان حول سورية، الذين لم يفهم أحد معنى صمتهم طوال الشهور الماضية، إلاّ أنه رغبة في تسوية تعفيهم عناء الانتظار.

استقالة الممثلين الثلاثة للتجمع من الهيئة الإدارية السابقة بسبب ما وصفوه "تراخي" الهيئة إزاء ما يجري في سورية، لم تمنع فخري صالح، أحد الموقعين على الاستقالة، الترشح للانتخابات والفوز في عضوية هيئة إدارية فازت أغلبيتها، المنتمية إلى تيار القدس، وهي تؤمن بوجود مؤامرة على سورية.

وارتضى الناقد نفسه أن يكون أحد كتّاب التسوية، موافقاً على بيان يدعو النظام السوري للإصلاح لتبقى سورية حصن المقاومة، وتصمد في وجه المؤامرة، وهما ما ينكرهما صالح في جميع البيانات التي وقع عليها سابقاً.

والمفارقة أن المماحكة السياسية حالت دون توقيع أحمد ماضي، مرشح التجمع للرئاسة في الانتخابات الماضية، على بيان يدين النظام السوري حتى اللحظة.

موفق محادين، رئيس الرابطة، كان راعياً للتسوية، التي لا تمثل رأيه الشخصي، وهو تناقض دفع مؤيدين في معسكره إلى عدم قبول تلك التسوية ولومه عليها، لنعود إلى السؤال الأساسي: هذه التسوية تمثّل من؟

الاستقالات من الهيئة الإدارية السابقة، والتهديد باستقالات جماعية، وصمت "قدسيين" عن التصريح بمواقفهم، والتسويات العبثية، والإدانات والتخوين في لغة عشائر الكتّاب الأردنيين توصل إلى نتيجة واحدة: ما أوهن الرابطة! ما أوهن مثقفيها!

والحوار حول أي قضية مهما صغرت أو كبرت، لا يقيمه واهنون.

سورية لا تزال بعيدة! وبين رواية القاتل وبين رواية القتيل ثمة رواية ثالثة يصعب على كتّاب التسوية إدراكها، وإن تكشفت لهم بعد حين.

(العرب اليوم. 2011-08-19)

ليست هناك تعليقات: