الأربعاء، 10 أغسطس 2011

أحرار و"فصيل إعدام"

يتعرض أصحاب الإرادات والعقل الحر، الذين اجتازوا حاجز الرعب والإرهاب الإعلامي الذي يمارسه أنصار مجرمي العرعور، إلى حملة تشهيرية يغيب عنها الضمير، وأدنى مستويات الأمانة واحترام حرية الرأي الآخر.
والأمانة، لأن هؤلاء الذين شكلوا في عمان "فصيل إعدام" لاغتيال كل من "تسول" له نفسه عدم الانصياع لـ"العراعرة" وإرهابهم الإعلامي، كانوا أول من تحدى مخالفيهم بالرأي إن كانوا يجرؤون على زيارة سوريا في هذه الظروف، باعتبار أن الدماء تسيل في الشوارع، والدبابات تهرس البشر، والشبيحة يقتلون كل جسم متحرك.
والزيارة.. بل الزيارات، حصلت!
وجرت في وقت يصور فيه الإعلام الأجير كل سوريا مرجلاً يغلي ضد النظام ومن يسانده ويتعاطف معه؛ ويبث الأخبار حول الاضطرابات في أغلب المدن والمناطق السورية، ومنها تلك التي مر بها هؤلاء الأحرار، بدءاً من درعا وإلى ريف دمشق وصولاً إلى دمشق نفسها، التي كانت الفضائيات أنها تشهد حالات إطلاق كثيف للنيران في الليل!
وبعودتهم، يكونون أصحاب تجربة وشهادة عيانية!
والأمانة أن ينصت هؤلاء، الآن، ويصغوا ويستمعوا؛ فمن ذهب واطلع، ورأى بعينه، وشاهد بنفسه، ليس كمن سمع وشاهد على القنوات، وليس كمن يتمترس وراء آرائه المسبقة!
والزيارة لم تثبت قناعة هؤلاء الأحرار بقناعاتهم، فقط، بل وكذلك وضحت عمق إحساسهم بالمسؤولية الأدبية وجديتهم في التعامل مع الموضوع السوري، واستعدادهم لتحري الحقيقة عيانياً بأنفسهم، وشجاعتهم في الذهاب إلى دمشق في زيارة معلنة، جرت في وضح النهار، وتحت يافطة واضحة صريحة، تعبر عن قناعاتهم، هي "التضامن مع سوريا"!
ولم نر أن ذلك استفز أحداً من الشعب السوري، سوى "العراعرة" الخارجيين وأنصارهم الأردنيين!
وليس بدون معنى، أن يعود هؤلاء الأحرار من رحلتهم الشجاعة، مرتاحي الضمير، مطمئني البال حيال سلامة موقفهم، وقدرة سوريا على الثبات والصمود بوجه العدوان الشرس، الذي يسانده عرب من الحكام والمحكومين، ممن لم يعرف عنهم سوى التهليل للاحتلالات الأمريكية الإسرائيلية للعالم العربي.
لقد برهن هؤلاء الأحرار على تفوقهم الأخلاقي، وهو ما تفتقر إلى أدنى مستوياته "الأعجوبة" السورية، التي يسميها "العراعرة" وأتباعهم وأنصارهم بالـ"ثورة". ولن يضيرهم شيئاً التعرض لمزيد من الأكاذيب المتهافتة، من قبل أتباع وأنصار "العراعرة"، بخوائهم الأخلاقي وإفلاسهم السياسي.
لا ضير، فالأحرار.. لا العبيد، هم من يجدون أنفسهم إزاء "فصيل إعدام" ما..!
لقد بدأت أسمع أسئلة حول سلوك هؤلاء؛ حول لغتهم الركيكة، ومفرداتهم البذيئة، وخطابهم المتدني، وإصرارهم الاستبدادي على أن لا موقف حرّ ونزيه خارج موقفهم. وهذه كلها ليست صفات من يناصر الحرية، ويعاضد الإنسانية، ويكافح لأجل حقوق الإنسان.
وأتوقف عند سؤال بات يتكرر أكثر من سواه: لماذا لا يستطيع هؤلاء أن يتقبلوا فكرة أن أحداً، ولو واحدا مفرداً، يمكن أن يتخذ موقفاً لا يتفق مع مواقفهم، دون أن يكون "قابضاً"..!
وبينما يعاجل البعض بالإجابة على هذا السؤال، قائلاً أن السبب في ذلك يكمن في أن هؤلاء لم يتخذوا في حياتهم موقفاً بدون قبض ثمنه سلفاً، أرى أنا أن الأمر أسوأ من ذلك، وأعزوه إلى الدجل الانتهازي والمنافحة الكاذبة عن الحرية والإنسانية وحرية الشعوب، التي تقودهم إلى النضال من بُعد ضد الأنظمة التي تؤشر عليها الخارجية الأمريكية.
إنهم أدعياء.. وأدنى من ذلك!

ليست هناك تعليقات: