الفضيحة
المدوية التي هزت مملكة إمبراطور الصحافة والإعلام العابر للقارات روبرت ميردوخ،
تستحق كلمتين في الإشارة إليها، ولحظتين من التفكير. وأولانا بفعل ذلك، هم أولئك
الذين يلهجون باسم "الجزر" الإعلامية العربية الكبرى!
ونحن
نهتم بفضحية السيد ميردوخ لأننا في العالم العربي، لم نكن بعيدين عن اهتماماته،
فقد دخل السوق الإعلامي العربي شريكاً عبر استثماره في روتانا مع الوليد بن طلال وقناة
"سكاي نيوز" تحت التأسيس بالشراكة مع حكومة أبو ظبي؛ ولكن الأهم من ذلك
أن أبرز المؤسسات الإعلامية العربية خاضعة لتأثير "مدرسة" ميردوخ وتتقمص
تجربته بإفراط، ومنها أبرزها "الجزيرة".
ومدرسة
السيد ميردوخ الإعلامية تتلخص بالتعامل مع الأحداث والأخبار كبضاعة يتم تسييسها
وتسويقها بشكل مؤثر ومربح في آن واحد، مهما كان الثمن الأخلاقي.
وهذا
ما جسده إمبراطور الإعلام، الذي يوصف بأنه «جزء لا يتجزأ من اللوبي الصهيوني في
بريطانيا والولايات المتحدة والغرب عموما»، باستغلال نفوذه الإعلامي لصالح
المحافظين الجدد، في تهيئة الرأي العام العالمي وتحضير الأرض شعبياً للحرب على
العراق، من خلال تضخيم ملف أسلحة الدمار الشامل.
وفي
المحصلة غير النهائية، هبت رياح غير مواتية على مملكة السيد ميردوخ الإعلامية،
فتوالت الفضائح المخزية واحدة بعد الأخرى؛ ولكن الفضيحة بالنسبة له، وهو من تجار
الفضيحة أساساً، ليست مشينة ما لم تزلزل القيمة المالية لاستثماراته وتحرجه في صلب
انتماءاته العقائدية اليمينية المحافظة.
في
عالمنا العربي، اليوم، ثمة من يحاول أن يكون "ميردوخ" عربي؛ فيتاجر في
الأحداث والأخبار ويسوقها لخدمة مشاريع سياسية، ويحول مراسليه إلى قادة ميدانيين
في الشوارع العربية، ويمارس بتوسع أساليب الحذف والإضافة على الوقائع، ناهيك عن
الأخبار نفسها!
ما
نريد أن نفكر فيه هو أن المعلم وصاحب الطريقة، ذاته، لم يستطع الكذب على كل الناس
كل الوقت، فما بالنا بتلامذته العرب. وإذا كان المعلم وصاحب طريقة التعامل مع
الأحداث والأخبار كبضاعة يتم تسييسها وتسويقها بشكل مؤثر، قد انكشف عند أول هبة
ريح عن هذا الحجم من الفضائح المدوية، فما هو حجم الفضائح التي ستنكشف عنها الهزات
التي لا بد ستصيب تلامذته العرب..!؟
إنني أجزم أنها لن تكون مجرد فضائح، بل جرائم كبرى،
بشعة ومخزية!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق