الاثنين، 1 أغسطس 2011

كنت في دمشق

موفق محادين
اكرر ابتداء إنني ضد احتكار السلطة سواء من قبل زعيم أو حزب او مجموعة وضد تغول الأمن على الحياة السياسية والمدنية، وان هذا الشكل من الحكم صار وراءنا طالت أيامه أم قصرت، وان من حق الناس أن يعبروا عن رفضهم لهذا الشكل وان ينالوا كل التضامن معهم ضد كل هراوة أو رصاصة تطلق عليهم سواء كانت حية أم مطاطية.
ويستدعي ذلك في الوقت نفسه موقفا واضحا قاطعا ضد الأمريكان والعواصم الاستعمارية الأخرى. وموقفا أكثر وضوحا وصرامة من العدو الصهيوني ومن الطائفية والمذهبية والإقليمية بكل أشكالها وكذلك النفط السياسي، فلا يحق لشخص يمد يده للأمريكان والصهاينة وجماعة النفط السياسي وللطائفيين والإقليميين أن يتحدث بكلمة واحدة عن الديمقراطية. 
ويضاف لذلك في الشأن السوري الانتباه إلى أن الصراع في سورية إنما هو صراع عليها، وان الأطراف الدولية والإقليمية التي تحاول توظيف الحراك الشعبي السلمي المشروع ليست معنية بالديمقراطية ولا بإسقاط النظام بل بإسقاط الدولة وتعميم الفوضى الطائفية من اجل تقاسم الشرق العربي وإخراج العرب من التاريخ وطي صفحة المقاومة التي هزت أسطورة العدو الذي لا يقهر.. 
هذه هي بوصلة الموقف من سورية: من جهة رفض احتكار السلطة والزعيم الأوحد ووضع سورية على طريق التعددية والديمقراطية، ومن جهة الاعتراف بوجود مؤامرة أمريكية صهيونية تتذرع بالتعاطف مع المطالب الشعبية لتحطيم الدولة السورية بكاملها.
هذا عن تقدير الموقف السياسي أما ما تشهده سورية فيمكن تلخيصه بما يلي:
1- حراك شعبي مشروع تارة من اجل الديمقراطية والحرية وتارة ردا على سياسات زراعية في الأرياف السورية (التي تشهد الحراك الأقوى) سببها ضغط قوى اليمين والليبرالية للتراجع عن مشروع الإصلاح الزراعي الذي بدأه عبد الناصر أيام الوحدة.
2- الجماعات التي تعيش على التهريب في المناطق الحدودية والتي تم اختراقها من قبل عصابات عكار أو جماعات الاحتلال الأمريكي في مناطق الجزيرة والبو كمال. وكذلك جماعات كردية في الجزيرة مرتبطة بالأحزاب الكبرى في كردستان العراق.
3- طيف واسع من النشطاء والقوى السياسية يتراوح بين ديمقراطيين حقيقيين في الوسط الثقافي والمدني والسياسي، وبين ليبراليين مرتبطين بالسفارات ومراكز التمويل الأجنبي المشبوهة، وبين جماعات إسلامية بعضها سلمي وبعضها عسكري.
4- إضافة لحوادث واحتجاجات حقيقية في أكثر من منطقة وتكبير جماعي في منتصف الليل. إليكم ما رأيته بأم عيني خلال أربع مرات ذهبت فيها إلى سورية أو مررت منها إلى لبنان.
- في زيارة أو جاهة عائلية إلى عائلة الاتاسي في حمص لم نشاهد دبابة واحدة على الطريق فيما كانت فضائيات معروفة تتحدث عن تطويق المدينة بالدبابات. ولا يعني ذلك نفيا لرأيه احتجاجات او مدرعات في ظروف أخرى.
- في زيارة ثانية لصديق (شيوعي) كردي عند جسر النحاس في ركن الدين في دمشق لم أجد شرطيا واحدا فيما كانت الفضائيات تتحدث عن معارك بالسلاح في الحي المذكور وذلك لا يعني أن هذا الحي قد لا يشهد أية احتجاجات أيضا.
- في الطريق من الحدود الأردنية إلى دمشق إلى الحدود اللبنانية لا يصادف المرء سوى دورية عسكرية تدقق بالجوازات لدقائق قليلة ولا أعرف بالتأكيد ما بعد هذا الطريق.
- دمشق في الليل كما في النهار مدينة مكتظة بالحركة والأسواق والمطاعم والحدائق والمكتبات وضفاف بردى التي عادت إليها الحياة في الربوة ودمر.
(العرب اليوم. 2011-08-01)

ليست هناك تعليقات: