السبت، 30 يوليو 2011

شكر الله سعيكم!

يستطيع من كان لديه بقية من أمل بـ"الثورة الليبية" أن يقرأ الآن الفاتحة على روحها؛ فقد أنهى عملاء "السي آي أيه" مهمتهم؛ وقبضوا على مقاليدها، وتسلموا زمامها.
هذا على أنها كانت لهم منذ البداية، على ما يبدو وبدا من قادتها!
لم يعد سراً الآن، أن العقيد خليفة حفتر، عميل "السي آي أيه" يقف وراء اغتيال عبد الفتاح يونس؛ وهو بذلك يضع ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الليبي" تحت هيمنته المباشرة. وبكلمات أدق فإن الليبي المنشق الذي كان يعيش برعاية "السي آي أيه" في فيللا تبعد خمس كيلومترات عن مقر الأخيرة في لأنجلي بفرجينيا، حسم الأمر وتولى الأمور. وليس على عبد الجليل (القريب من قطر) إلا أن يتوه بين ولية نعمته وسيد مجلسه الجديد.
خليفة حفتر، باختصار، ضابط سابق في الجيش الليبي. شارك في الحرب بين ليبيا وتشاد بسبب الصراع على إقليم أوزو الحدودي بين البلدين، ووقع في أسر القوات التشادية. وفي الأسر، مرّ بـ"تحولات فكرية"، فانخرط في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة للنظام الليبي، المدعومة من "السي آي أيه".
أسس حفتر، على إثر ذلك، الجناح العسكري لجبهة الإنقاذ الوطني الليبية (جيش التحرير الوطني)، وشارك بفصيله في الحرب التشادية، ولكن من الجبهة المعاكسة، هذه المرة، حيث قاتل إلى جانب حكومة حسين حبري المدعومة أمريكيا ضد مواطنيه ورفاق السلاح السابقين في القوات الليبية.
في مطلع التسعينات، أطاح إدريس ديبي المدعوم فرنسيا بحكومة حسين حبري؛ فقامت طائرات أميركية على إثر ذلك بنقل حفتر وعناصر "جيشه" إلى زائير، ومن ثم إلى الولايات المتحدة، حيث استقر هناك مع بقية أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني الليبية، كما يؤكد ذلك تقرير بحثي صادر عن الكونغرس، حيث كانت "السي آي أيه" تنظر إلى حفتر وعناصره باعتبارهم مجموعة يمكنها أن تكون  قوات "كونترا" على غرار تلك الجماعات الإرهابية، التي كانت الحكومة الأمريكية تمولها وتسلحها في الثمانينيات، ضد الحكومة الساندينية في نيكاراغوا.
ثقة "السي آي أيه" بخليفة حفتر مرتبطة بالخدمات التي قدمها، ومنها تسليمه أسلحة روسية الصنع للأمريكان، من بينها طائرات ورادار متطور. في حين يؤخذ عليه شعبياً في ليبيا، تورطه بقيادة عمليات تنكيل بالجنود الليبيين الأسرى خلال الحرب التشادية، وانتهازيته الذي جعلته في كل مرحلة يترك وراءه بعضاً من تابعيه ومناصريه للهلاك والموت، أو للجوع كما حصل مع عناصره الذين نقلتهم "السي آي أيه" إلى الولايات المتحدة معه.
عاد خليفة حفتر إلى بنغازي منتصف آذار الماضي للمشاركة في الجهود العسكرية والسياسية الهادفة إلى إسقاط نظام، وتولى لوقت وجيز قيادة جيش التحرير الذي أسسه الثوار؛ إلا أنه سرعان ما تم إبعاده، بعد انتقادات لأدائه، وإسناد القيادة لوزير الداخلية السابق عبد الفتاح يونس العبيدي، الذي تم التخلص منه منذ يومين.
وبعد؛
هذا نموذج حي لقادة الثورات الأمريكية، التي يتم تسويقها بضراوة باعتبارها ثورة الشعب العربي. وهنا، علينا أن نفكر: إذا كان هذا هو الحال بالنسبة لليبيا البعيدة عن مركز الصراع الأساسي مع "إسرائيل"، فما هو الحال مع سوريا، التي تقف عقدة في منشار التسوية، وما هو الحال مع "كذبة" الممانعة و"خرافة" المقاومة، التي ينكرهما بعض عباد الله والزمن والجديد..!
وما رأي إسلاميينا وليبراليينا الأفاضل، أكرمكم الله، الذين يصرخون صبح مساء أنهم مع "الثورات العربية"، ويتهمون كل من وقف حذراً بموالاة الأنظمة!
شكر الله سعيكم!
ملاحظة: المقال يستند إلى تقارير سابقة بثتها قناة "الجزيرة" ونشرتها على موقعها الإلكتروني، وتتغاضى عنها اليوم تماماً، لا سيما في تغطيتها لمقتل عبد الفتاح يونس وتعيين حفتر مكانه!

ليست هناك تعليقات: