السبت، 9 يوليو 2011

رسالة إلى صديقي الغاضب

لم أعتد منك هذا الغضب المخاتل الذي يتحايل على الوضوح، بل كنت أسمع في أعمالك انحيازاً ومواقف صريحة مكلفة الثمن. ولم أعتد منك أن تداري وتواري، ولا أن تسعى لشراء المعجبين والتماس عقود المقاولين وحجز الصالات، بل عهدتك تلتمس رفاق الطريق وتستقطب من تاهت به السبل منهم؛ كنت بياناً جميلاً يلتفت إليه الناس الباحثون عن هويتهم الإنسانية والوطنية والجمالية..
وأنت، اليوم، حائر بين وجدانك ومنافسة هيفاء وهبي في ماراثون المعجبين!
تقف أمام الحقيقة، فلا ترى في أهلها سوى جمهوراً. وترى الجمهور، فتجري حساب معادلة المعجبين على عجل، فتخبئ بعض الكلام الذي لا يتناسب مع المرحلة التي يصيغ الإعلام المأجور وجدانها، ولا ينسجم مع موضة الأفكار الشعبوية الرائجة؛ وتخشى أن ينفض "المعجبون" عنك إن حررت كلمتك صريحة!
هل لأجل ذلك هربت من الأغنية بكلمتها وموقفها الصريح الواضح إلى الموسيقى الخالصة المجردة، حيث لا يفهم العرب وجدانك، ويطربون في الدوحة لألحانك، صديقي مارسيل الغاضب..!؟
لا أنكر عليك الغضب. ولكني أستنكر أن يتوه قلبك، وتضيع قوة عقلك، ويبهت مضاء موقفك؛ فتجامل المفردة الأمريكية في الجامعة التي كرمتك، بكلام غائم مبهم يخون نفسه وموقفه!
وتقف أمام الحالة الشعبوية، فلا يستمرئ قلبك التصريح بأنك ترضى السير في ركبها، ولا تواتيك الشجاعة على مجابهتها من موقعك "القديم" الواضح؛ وبدلاً من أن تهزمها، تنهزم أمامها. ويلتقطون لك صورة في المناسبة، فلا يبدو منك كعادتك مؤخراً سوى عينان زائغتان، وقلب تائه!
لم ينته التاريخ يا صديقي الغاضب، وأربأ بعقلك عن تصديق هذه الكذبة. أنت أذكى من ذلك. ولكني أخشى أن يكون تغير قلبك، وتاه وجدانك؛ فانزلقت إلى الاعتقاد بأنك حر من انحيازتك، وأن تاريخك مجرد رصيد بنكي تضيف له بأي عملة أخرى رائجة، بالدولار والدرهم والريال واليورو..
لا يا صديقي الغاضب..
لست حراً من انحيازتك، إلا أن تستنكر نفسك..
وتاريخك ليس حسابا بنكيا، بل سجلا نضاليا، لا تمتلك صكوك ملكيته في جيبك. وفي اللحظة التي تتوه، أو تتعب، أو ينتابك الملل فيها، ينتظر منك رفاقك القدامى وأصدقاؤك أن تنأى بنفسك عن استغلال هذا الرصيد، في ترويج حالة مائعة أدنتها أنت نفسك في كل أغنية ونغمة، ومجدّت رافضيها!
لا يا صديقي الغاضب..
لست حراً في التفريط بإرثك، الذي خمسه في موهبتك وجهدك، وأربعة أخماسه في وجدان الرفاق والأصدقاء الذين كنت تجهد في التعبير عن معاناتهم في المقاومة، والاعتقال، والنضال، ومقاومة اليأس، والتمسك بالفرح والحياة والأمل. الأمل الذي يمنح المشردين بيتاً، واللاجئين وطناً، والمقاومين إيماناً بالنصر، ويشيع الفرح في عيون الأطفال المشردين في بيوت ذويهم..
لا يا صديقي الغاضب..
أنت لستَ الفنانة المشتهاة جداً إليسا؛ ولا مثيرة الاضطراب في الحواس هيفاء، ولست معذب قلوب العذارى عمرو ذياب، أو محمد حماقي، أو عاصي الحلاني وغيرهم..!
وحتى بعض هؤلاء وهاته، يا صديقي الغاضب، رغم "خطر" إلغاء الحجوزات الخليجية، أعلنوا وأعلنّ موقفاً من المقاومة. ولم يصمتوا ولم يصمتن إزاء ما يحدث لوطنهم ولوطنهن في تموز الشهير.
أدرك أنك ملت متعباً إلى الاحتماء بما للفن من "صفات دبلوماسية" مدعاة؛ ولكن السفير الأمريكي في دمشق، تجرأ على اختراق حاجز الدبلوماسية، رمى بكياستها مشاركاً في العدوان على سوريا وشعبها بنفسه..
فأي دبلوماسية وجلة ومرتجفه هذه التي تجعلك تتجرأ، فتبيعنا خاطرة مراهقة، مواربة في المعنى ومراوغة الكلمات، تحاول أن تتجاوز بها أخطار "التورط" بموقف صريح، خلال حفل تكريمك في الجامعة الأمريكية!
صديقي الغاضب جداً..
أنت لست غاضباً بقدر ما أنت مخذول لأن كل من يشتريك اليوم، يشتريك بهويتك "القديمة"، ولا يبدي استعداداً لشرائك بغيرها!
صديقي الغاضب جداً..
لست نبياً وإن كنت أدمنت أداء الدور، ولا قديساً مهما تقمصت الملامح المعذبة؛ فلا أنت أصل السنة، ولا أحد يأتي على ذكرك في صلاته..
أنت وحسب مجرد رجل ملتحٍ!

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

بعتم الرجل في 5 دقائق لانه خالفكم رائيكم الغبي مثلكم

حاتم عرب يقول...

عزيزي ياسر
ما وجدت بين كلاماتك الا عتاباً لحبيب و رفيق و صوت عزب لطالما غنى للحرية و الأمل .
و شكراً

حامد المالكي يقول...

هل لازلت تصدق بالاخلاق والقيم؟؟ الشعوب ياياسر لاتحتاج الى صوت مغني عندما تنطلق من مارد جبنها لتبتلع الحرية

فايزشناني يقول...

لست نبياً وإن كنت أدمنت أداء الدور، ولا قديساً مهما تقمصت الملامح المعذبة؛ فلا أنت أصل السنة، ولا أحد يأتي على ذكرك في صلاته..أنت وحسب مجرد رجل ملتحٍ!
**********************************

من أجمل التعابير التي أعطته حجمه الطبيعي
حقاً أنا لا أعرف كيف لمغن ينشد أغاني الوطن يؤمن أن الخيانة وجهة نظر

AbdBatarni يقول...

يا جماعة والله العظيم ما تستغربوا
أنا من زمان بعرف مارسيل غانم بيقبض مصاري من هون وهون وما هو مطرب وطني حقيقي شخص مادي جدا وقناع الأغاني الوطنية عنده متل قناع الإسلام عند الأحزاب الإسلامية

AbdBatarni يقول...

ما حدا يستغرب من مارسيل خليفة
والله العظيم أنا من زمان بعرف عنه انه زلمة مادي جدا وهمه المصاري وبيقبض من هون وهون الوطنية عنده قناع متل ما الدين قناع للأحزاب الدينية
أنا من الناس اللي ما انصدمت فيه أبدا لأني بعرف حقيقته من زمان