الأحد، 24 يوليو 2011

لست بمزاج ديمقراطي اليوم


لست بمزاج ديمقراطي هذا المساء؛ لذا، سأعتكف في غرفتي مغلقة النوافذ، مسدلة الستائر، وأستعرض قواتي المسلحة، وربما أستدعي قادة أجهزتي الأمنية، لاستمع لإيجاز حول الجهوزية والقدرة العملياتية.
لا..
 سأقيل، ابتداءً، أدوات الحوار الوطني، وأسحب برنامج النقاش "البيزنطي" من التداول العام، وأحول الموازنة العقلية المرصودة لإنتاج مقاربات وفاقية، لصالح برنامج "التجنيد الإجباري"؛ ثم أصدر أوامري بشأن من لا يوافقني الرأي.
وربما أحضر قبل ذلك فيلماً وثائقياً، أعدّ في سنوات الحرب الباردة عن الرفيق ستالين، ويظهره بكامل دمويته ولياقته الدكتاتورية؛ أي تماماً بصورته التي تروقني وتناسب مزاجي هذا المساء. وقد أعمل قليلاً في الأثناء..
لا..
لست بمزاج ديمقراطي هذا المساء!
ربما أصدر أوامري بإطلاق الرصاص الحيّ على المشاة في الشارع اللعين، أو أصادق على تنفيذ أحكام الإعدام بعشرة من مواطني الأبرياء الرائعين. ولا بأس من أن أضيف إليهم خروفاً لأجل حفلة شواء على شرف بعض إخواني المسلمين، لنتكاذب حول التطابق التام بين حكم الله وحكم الشعب، وربما تأخذهم نشوة الشواء فلا يغفلون عن ذكر محاسن حكمي..
لا..
لست بمزاج ديمقراطي هذا المساء!
ربما يكون من الأجدى أن أهتم بنفسي قليلاً، فأوعز بتنظيم حفل بمناسبة عيد ميلادي، المقبل أو الماضي (لم أقرر بعد)، تحييه لهلوبات الرقص الشرقي وبعض مذيعي الفضائيات وثوريي الانترنت والإذاعات، ويغني فيه ليبرالي صالح لكل المناسبات، ويمكنه أن يسعف حتى "العرعور"، إن فوت "سماحته" موعد خطبة جمعة، فيحل محله..!
أو ربما أتفرغ للتخطيط لأفكار عظيمة تراودني، كأن أنشئ مستشفى مجانين، مكرمة وطنية مني لشعبي، وأقلقه من بعد على مستقبله، لأحمله على التفكير بلا توقف، وأرهقه بعقله صبح مساء، إلى أن أجعله يجادل صورته في الماء!
فكرة رائعة..
ولكني لست بمزاج ديمقراطي هذا المساء!

ليست هناك تعليقات: