حال
المهوسين بتصديق أكاذيب الجزيرة حول سوريا، كحال قسم من "المعارضة السورية"؛
يوترهم الرأي الآخر، وتزيغ أبصارهم الصورة الأخرى، ولا يكتفون برفض الحوار
والاستماع إلى الرأي الآخر، فيتحولون إلى ماكينة معطوبة تردد كلاماً عاجزاً يبتغي
التأثير عبر تحميله مضامين مسيئة، في متن مفردات شتائمية!
وهذا حال
الإرادة حينما تفشل بالاتصال بالضمير؛ وحال النفس حينما تخرج عن وازعها الأخلاقي،
وحال العقل حينما يستبيحه الهوى الشخصي!
يأخذون على النظام السوري أنه
ديكتاتوري، في حين أنهم يبدون ميلاً، لا يتناسب أبداً مع عجزهم الشامل، إلى
الاستبداد والطغيان بمعناهما القروسطوي؛ ويأخذون على النظام السوري أنه قمعي، وهم
لا يقلون عن ذلك، فيمارسون القمع والترهيب بحق كل من يخالفهم الرأي، حتى ولو كان
عابر "فيس بوك" بريء؛ ويصفون النظام السوري بأنه قاتل، وهم يقتلون
ويغتالون في كل كلمة وحرف؛ وحيث يتهمون النظام السوري باحتكار السلطة، يماثلونه
باحتكار "الشرف" و"الصدق" و"الوطنية" ويخصون أنفسهم
بكل المنظومة الأخلاقية، ويتهمون الآخرين بكل موبقات الدنيا.
والفارق بينهم وبين النظام السوري هو
أنه متهم بكل ذلك؛ أما هم فيمارسون ذلك على رؤوس الأشهاد!
يصرخون ليل نهار: "الحرية لا
تتجزأ" وأن "الحرية قيمة إنسانية فوق كل اعتبار"، ولكنهم ينكرون
على صاحب رأي أن يكون له رأيه الحر، المستقل عنهم. يتحسرون على الثقافة العربية
ومثقفيها، فيما ينخرطون في ترويج وتسويق لجاجة ديماغوجية شعبوية؛ يدعون إلى تبديد
الظلام، بينما هم منهمكون بإطفاء كل شمعة مضاءة. وينشغلون عن السفير الأمريكي
بمهاجمة من يهاجموا المشروع الأمريكي..!
لن نحدثهم عن الممانعة والمقاومة،
وسندعهما للقابضين على جمرهما؛ فمشكلة هؤلاء الحقيقية ليست معهما ولا مع نظام
الأسد، بل هي مع الشعب السوري نفسه، ومع سوريا وطن السوريين ودولتها؛ فهم يطالبون
الشعب السوري بالانجرار وراءهم، ولا يجيبونه على سؤال بسيط ومشروع: نتبع من؛
الإخوان المسلمين، أم العرعور، أم الغادري، أم عبد الحليم خدام ورفعت الأسد..!؟
هل سيكون هؤلاء سعداء إن وقع الشعب
السوري، كله، في المأساة التي وقع فيها أهل حماة في الثمانينات حينما راح الإخوان
المسلمون يصفون من لم يوالهم من أبناء المدينة، واحداً بعد آخر، إلى أن وصلوا إلى
القناعة بقوتهم وقدرتهم، فنظموا المجزرة الشهيرة!
هل سيكون هؤلاء سعداء إن وقع الشعب
السوري تحت طائفية إمارة العرعور، الذي قال بالصوت والصورة: "سنفرم العلويين
بالمولينكس"..!
هل سيكون هؤلاء سعداء إن وقع الشعب
السوري تحت حكم فريد الغادري وأشباهه، الذين سيحكمون من تحت العلم الإسرائيلي الذي
سيرفعونه فوق دمشق، كما جاء في المقابلة الشهيرة منذ نحو شهرين في إيلاف..!؟
هل سيكون هؤلاء سعداء إن وقع الشعب
السوري عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، فيعيد التاريخ أمجاد "سرايا
الدفاع"، التي تم استحضارها اليوم من خلال شبكات التهريب العائدة للمذكورين
وأبنائهما، وقد تحولت اليوم، بالتحالف الإقليمي والدولي، إلى التخريب وترويع
المواطنين الآمنين والعزل..!
هذه هي الخيارات المطروحة؛ وإن كان
أحد يحسب أني نسيت معارضة الداخل، فهي تقول اليوم على لسان ميشيل كيلو وبالفم
الملآن: نحن مجرد أشخاص يقفون على الرصيف يتفرجون على ما يجري..!
فهل سيكون هؤلاء سعداء إن وقع للشعب
السوري ما يتمنون!؟
مشكلة هؤلاء أنهم يتجاهلون إرادة
وصوت ملايين الشعب السوري، ويغضون الطرف عن التاريخ الأسود والمشين
لـ"وكلاء" التغيير في سوريا، ودون أن يتنازلوا عن "قيافة"
المثقف ينساقون ويتبعون أكاذيب الحملة الإعلامية المضللة، التي تستهدف بالأصل عامة
الناس وبسطائهم!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق