الاثنين، 25 يوليو 2011

أن تكون مستهدفاً


قرأت في موقع عمون الإخباري الشهادة "المجروحة"، التي نشرتها السيدة حنان حماد في حق زوجها الزميل مدير مكتب الجزيرة في عمان ياسر أبو هلالة؛ والانطباع الذي خرجت به من قراءتها هو أن عائلة أردنية تشعر بنفسها مستهدفة.
وأسوأ وأقسى ما يكون الحال، حينما يصل المواطن للشعور بالاستهداف من قبل دولته، بكل أجهزتها الأمنية، وأدواتها الإعلامية، وأذرعها الأخرى الكثيرة، المباشرة وغير المباشرة.
لم يفاجئني هذا الشعور، ولكني لا أستمرؤه ولا أُطيقه، وليس بإمكان من يجربه أن يفعل؛ فحاله كالسمّ لا يُجرّب. والذي يتذوقه ولا يموت، يكون نجا بقدرة قادر، لا لأنه اعتاد تجرعه..!
أريد القول: حينما تشعر عائلة أنها مستهدفة، بشخص ربها وعائلها، فهذا يؤشر على المقدار الذي تكون قد بلغته أجواء الكراهية والتحريض والتعريض بالأشخاص، والتشجيع على التعرض لهم، وطعنهم بصفتهم الشخصية، واستهدافهم بذاتهم.
وللأسف، هذا الشعور ليس جديداً، ولا نادراً في الأردن!
لا يحتاج المرء لبذل جهد ليكتشف أنه على خلاف عميق مع ياسر أبو هلالة، المنحاز لعمله في "الجزيرة"، وصاحب الخلفية الإسلامية، والتعبيرات والمقاربات الإسلاموية؛ ولكن ليس في هذا ما يجيز استهدافه، أو حتى يبيح من بعيد أو قريب "الارتياح" لما تعرض ويتعرض له.
ولكي أكون بعيداً عن المجاملات، عليّ أن أصرِّح بأنني أعتقد أن الزميل أبو هلالة يخفق وعلى نحو متزايد، لا سيما في الفترة الأخيرة، في الفصل الموضوعي والمهني ما بين انتمائه السياسي وأدائه الإعلامي؛ وللأمانة فإنني أعتقد، أيضاً، أن هذا ليس شيئاً خاصاً به، بل هو سياسة عامة باتت تنتهجها وتشجع عليها فضائية "الجزيرة".
وهذا، بكل تأكيد، ليس مبرراً لاستهدافه؛ فلا يجوز عقابه، هو و"الجزيرة"، على خيارهما بالتحول إلى إعلام حزبي، وإن كانت الأمانة تقتضي من إدارة القناة، في هذه الحالة، الإعلان صراحة عن هذا التوجه، وعدم مواصلة لتخفي وراء الاستقلالية والموضوعية و"الرأي والرأي الآخر".
ومن جهة أخرى، فإن كان البعض قد اعتبر أن إخفاق أبو هلالة في الفصل الموضوعي والمهني ما بين انتمائه السياسي وأدائه الإعلامي، كافياً لتجريده من حقوقه كإعلامي؛ فإن على هذا البعض، مهما كان كثيراً ونافذاً، أن يتذكر بأن ذلك لا يعطيه الحق في تجاهل حقوق الزميل أبو هلالة كمواطن، (أضعف الإيمان)، بالتظاهر والاعتصام والاحتجاج وممارسة كل أشكال التعبير السلمي عن مواقفه.
إضافة إلى ذلك، فإنه لمن المشين أن يصبح استهداف إعلامي أو مواطن بعينه عنواناً لـ"الولاء"!
عليّ القول، ليست غاية هذه الكتابة التضامن مع الزميل أبو هلالة (وإن كنت أتضامن معه فعلاً)، فقد أغناه ويغنيه زملاء آخرون عن تضامني، ولكنها موقف من هذا النمط في إدارة الاختلاف، الذي يُشرِّع ما لا يشرَّع، ويستبيح ما لا يجب أن يُستباح؛ ويجعل عائلةً تعيش تحت وطأة شعورها بالاستهداف من قبل طرف هو الأقوى في المعادلة. وكل قوي لا يُحكِّم الحلم بقوته، يهوي نحو الهوج والطيش والرعونة!
وأخيراً، يبقى أبو هلاله زميلاً نتشرف بالإختلاف معه، لا باستهدافه!

ليست هناك تعليقات: