لا يستطيع أحد من كتّاب "الإسلام
الديمقراطي الليبرالي" أن يزاود على موقف المفكر الراحل، إدوارد سعيد، ضد "التدخل
الإنساني" للولايات المتحدة، في كوسوفو، وقبله في البوسنة، يسانده في ذلك
المفكر نعوم تشومسكي.
مفكرون أحرار من أمثال سعيد
وتشومسكي لم يجرؤ أحد على اتهامهم بأنهم اصطفوا مع الجيش الصربي ومع مجازره، ليس
فقط لأن ما تنبأوا به حدثَ، فعلاً، في البلقان، بل لأنهم وقفوا بشجاعة -حينها- قائلين
إن "التدخل ما هو إلا تسويق أكاديمي للهيمنة الأميركية".
اليوم، نصرخ بصوت عالٍ، وبعقل
حر: لا للتدخل في شؤون الدول العربية، وفي مقدّمتها سورية؛ لا انحيازاً للنظام
السوري، كما يحاول كتّاب "سلفيّون" تصويره، إنما انحياز للشعب السوري، ورفض
لأي تسويق "سلفيّ" للهيمنة الأميركية.
الحالمون بالهيمنة الأميركية، والمتعاطفون
مع بدائلها الموضوعية (قوى الإسلام السياسي) في المنطقة العربية، مطالبون -اليوم- بمناظرة
تاريخية لنسألهم، بوضوح، عن مسؤوليتهم الأخلاقية والسياسية حيال ما حصل في
أفغانستان، منذ تدخلهم المالي والإعلامي والعسكري والسياسي في حربهم ضد النظام
الشيوعي "العلماني"، في عام 1979.
كم مرة يجب علينا دفع ثمن
حربهم التي لا تنتهي؟ ألم يكفهم سفك الدماء، في حياتنا، خلال الثلاثين عاماً
المنصرمة، أم أنهم يتوقعون منّا طاعة عمياء؛ لأنهم استبدلوا بضع كلمات على سطوح
خطابهم، منذ بدء الحراك الشعبي العربي، بمصطلحات: "الديمقراطية"، و"حقوق
الإنسان".
وفي الحالة السورية، أقول، من
دون مواربة، الدم المسفوح في الشوارع هو دم العرب والأردنيين، خاصة. وحتى نخرج من "متتالية"
هذا الدم، يجب التأسيس لخطابٍ ثالثٍ يضمن انتقال نظام شمولي، كالنظام السوري، إلى
نظام وطني ديمقراطي، يقرره السوريون أنفسهم، من دون مواصلة التحريض سعياً إلى تدخل
أجنبي تستفيد منه فئة بعينها.
ومن يرد مواصلة التحريض لسفك
آخر قطرة دم سورية فليواصل حربه "الخاصة"، التي يأمل أن تُوصله إلى
الحُكم، أو أن يُهدي الفوضى والحرب الأهلية إلى سورية.
ضد "التدخل الأمريكي"
عبر السفراء، أو الإعلاميين السلفيين، أو الحاقدين، وضد قتل السوريّ؛ لأن دمه غالٍ،
ويستحق مواجهة كبرى، وعلى جبهات متعددة، للحفاظ عليه.
(العرب اليوم. 2011-07-14)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق