يصر بعض مطلقي المواقف العشوائية على النظر إلى الأحداث السورية من منظور "المعارضة" المرتبطة خارجياً (خدام والغادري وشركائهما) حصراً؛ وهم بالتالي، يتعامون تماماً عن التفاصيل "المثيرة" في المشهد الدموي في سوريا، ويتهمون النظام السوري باللجوء المجاني للعنف والقتل بدم بارد، لأسباب تنحصر بالحفاظ على نفسه.
تغلب الحماسة على مطلقي المواقف العشوائية، ويحدوهم أمل بإمكانية إسقاط النظام السوري؛ ويبدون بينما هم في غمرة حماسهم وتباكيهم على الشعب السوري وتنديدهم بالنظام ورئيسه، استعداداً مريباً وغير مسبوق للتضحية بنصف الشعب السوري، إن لم يكن كله، مقابل تحقيق أمنيتهم أن "يشوفوا يوم" بالنظام السوري، ولما يحرجهم رصيده في الممانعة ودعم المقاومة، ينقلبون على الممانعة والمقاومة معاً ويعتبرانهما مجرد.. خرافة وكذبة!
وحقد مطلقي المواقف العشوائية على سوريا يفقدهم عقلهم، ويدفعهم للذهاب أبعد من ذلك؛ فهم يزهدون بفلسطين والقدس نفسها، ويبدون استعداداً لمسامحة إسرائيل بها وبحرية شعبها (كأنما القدس وفلسطين ملك لهم)، إذا كان تحريرها سيتوقف على النظام السوري. ولسان حالهم يقول: إسرائيل أولى بالقدس وفلسطين، إن كان "بشار" سينال بعض الفضل بتحريرها!
وحقدهم يدفعهم إلى حالة من الهذر العاطفي والقول بأنهم لا يقبلون بأية تضحيات إنسانية في سبيل التحرير؛ ولا يلاحظون في هذا السياق، التطابق مع مواقف بعض المعارضة المرتبطة خارجياً، التي ترى أن سوريا يجب أن تقف على الحياد من "النزاع الإسرائيلي الفلسطيني"، بينما استعادة الجولان يجب أن تتم حصراً بالمفاوضات وبـ"أنبياء حقوق الإنسان"..
وينسى مطلقو المواقف العشوائية الذين لا يحتملون "إجرام نظام الأسد" أنهم هللوا معنا لصواريخ صدام حسين ودافعوا عنه بكل وجدانهم، ورأوا فيها ما يجيز التغافل عن سجله بمجال الحريات وحقوق الإنسان. وهم لا يتذكرون، كذلك، كم برروا بالأمس من جرائم أرتكبت بحق شعوب وأفراد باسم "الثورة"، كما لم يتحرك ضميرهم الإنساني إزاء الممارسات الظلامية واللا إنسانية التي تمارس في فلسطين من قبل "السلطة الوطنية" وحركة حماس، على حدٍ سواء.
إن حقدهم على سوريا (وهو ليس محصور بنظامها في حالة الكثيرين من مطلقي المواقف العشوائية) يجعلهم يقبلون بدفع الثمن الذي يتطلبه رأس النظام السوري، وعلى ما يبدو سيرضون، ولو على مضض، برفع العلم الإسرائيلي في سماء دمشق مقابل أن تتحقق أمنيتهم!
وبطبيعة الحال، ليس كل من يتباكون على الشعب السوري يبكون لأجله فعلاً، فهناك من لا يحفل بخيارات الشعب السوري نفسه، ويزدريه إن لم يسع في طلب رأس نظامه. وهؤلاء لا يلتفـتون لشيء سوى لهدفهم وغايتهم، ويسعون لتحقيقهما: "ولو هَلَكَ مَنْ هَلَك"!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق