نحن
مع الإصلاح في الأردن، ومعه في سوريا. تماماً مثلما نحن ضد أن يختطف الإصلاح في
الأردن، وفي سوريا، من قبل طلائع التدخل الأجنبي، التي تتباكى على الشعوب، لتستصدر
القرارات الإسرائيلية الأمريكية من مجلس الأمن، تمهيداً لاستقدام الجيوش والقصف
باسم الحرية!
وليس في
هذا ازدواجية. ولكن تأييد الإصلاح في الأردن، والدفع لتحويل الإصلاح في سوريا إلى
منصة لتدويل الشأن الداخلي، هو أسوأ من مجرد
ازدواجية: إنه استغلال للدماء التي يتباكون
عليها.
وادعاء البعض أن المثقفين
الأردنيين صمتوا على ما يجري في سوريا، ليس في محله؛ فقد عبر هؤلاء بأكثر من وسيلة
وأسلوب، عن مواقف، مختلف عليها، لكنها كانت تعكس حجم القلق على البلد الشقيق الذي يجتاز
لحظة مفصلية، لا نشك بأنه سيخرج منها قويا، ومعافى..
إن هذا الإدعاء، يذهب بدرجة
أساسية للقفز على هذا القلق، وجر المثقفين الأردنيين (لماذا هم بالذات!) عنوة
وبأوامر سامية من الأوصياء الجدد على الحرية والديمقراطية، لاتخاذ مواقف بعينها،
والتعبير عنها بصفة بعينها، وبأسلوب بعينه!
ويعطي أصحاب الوصاية والإدعاء
لأنفسهم الحق، بفرض رؤيتهم الخاصة على مجموع المثقفين، ويحددون لهم من عواصم بعيدة
الأولويات، من
حيث يزفون لنا كذلك آخر اكتشافاتهم بأن "المقاومة"
و"الممانعة" خرافة؛ الأمر الذي، يقود بطبيعة الحال، إلى اعتبار تونس ومصر
واليمن والبحرين بل وليبيا (وفي الواقع كل ذيول معسكر الاعتدال المؤود) في أسفل
سلم الأولويات الذي يقترحونه، وتتصدره سوريا بالضرورة..
والموقف الذي يريدون جرّ
الآخرين إليه، يتجاوز التضامن الكامل مع الشعب السوري، الذي لا يختلف فيه اثنان، إلى
المشاركة في نصب مشنقة لنظامه، ولف الحبال الأمريكية الإسرائيلية على رقبته!
وربما، ليس علينا أن نتفاجأ
إذا أتم هؤلاء معروفهم، لاحقاً، وانسجموا مع حقيقة موقفهم، فطابقوا سلم أولوياتهم
مع قائمة جورج بوش للدول المارقة، فيضيفوا إليه "حزب الله"
و"حماس" وإيران و.. كوريا الشمالية!
وطالما يرى هؤلاء أن
"المقاومة" و"الممانعة" خرافة؛ فإنني شخصياً، لن أتفاجأ إذا
شمل سلم أولوياتهم تصفية ثورة مصر وشباب تونس، أو إن انخرطوا في جهد يطلب الحرية
لمبارك وحبيب العادلي وشلتهما!
هذا لأنه لا إمكانية للجمع بين
القول بأن "المقاومة" و"الممانعة" خرافة، والإيمان بالثورات. وفي
واقع الأمر، فإن تأييد ثورة مصر وتونس، لا يستقيم مع الاستلزام المفاجئ على سوريا؛
وجمع الموقفين، لا يمكن أن يصدر إلا عن انفصام في الشخصية!
لقد كشفت الأحداث في سوريا، أن
ثقافة "معسكر الاعتدال المؤود" وحقده الأعمى على سوريا متفشية في أوساط
هذه الفئات من المثقفين؛ لذا لا يرون هناك أي موقف متواطئ أو صامت على ما يحدث في
البحرين (خلافاً لسوريا). أما الترجمة الأمينة لذلك، فتشير إلى أن أحداث البحرين فتحت
المجال للانضمام إلى مجلس التعاون. وفي هذا، على ما يبدو، ما يدعو إلى البهجة، لا
إلى التضامن مع الشعب المنكوب!
وعموماً، ما دمنا نتحدث عن
ثقافة "معسكر الاعتدال المؤود"، فإنه من المفهوم تماماً لماذا تغدو سوريا
أولوية تسبق كل الأولويات!

هناك 3 تعليقات:
استاذ ياسر 100 من 100 مع مرتبة الشرف ترجمت ما يعتمل في صدور الكثيرين لا جف قلمك ايها العملاق
التدخل الأجنبي موجود منذ عقود لقمع الشعوب. إنظر الى خارطة قواعد الأمريكان العسكرية الصليبية التي ترصع الخليج ودول عربية أخرى والتي إستخدمت لضرب وإسقاط اقوى نظام عربي سني في العراق. ولاتنسى التدخل السعودي الطائفي في البحرين لقمع الشيعة المطضهدين والخ. الأنظمة العربية وأبواقها التي ترفع شعارات رفض التدخل الأجنبي هي من اتت على دبابات المستعمر الصليبيي وهي من أعطت الناتو الغطاء لضرب العراق وليبيا.
الأسد يستنجد بإيران
الإمارات فيها قاعدة امريكية وأخرى فرنسية ووقعت عقد مع مرتزقة بلاك واتر بنصف مليار دولار
البحرين إستنجدت بالسعودية لا لحمايتها من غزو أجنبي ولكن لقمع مواطنيها.
النظام الأردني يحصل على مليارات من الدعم الأجنبي والأسلحة الأجنبية لحماية نفسه من شعبه.
فعلا يا أستاذي الأنظمة العربية هي طلائع التدخل الأجنبي.
إرسال تعليق