الجمعة، 27 مايو 2011

الجزيرة: المهمة أنجزت!

يستطيع مسؤولو فضائية "الجزيرة"، طليعة الإعلام الرسمي العربي، أن يجمعوا موظفيها على سطح المبنى (في حال تعذر الحصول على بارجة أمريكية تستضيف الحدث)، ليعلنوا لهم بجلاء:
"المهمة أنجزت!".
هذه الاستعادة للمشهد الأمريكي الشهير، الذي لعب فيه دور البطولة جورج بوش غداة احتلال العراق، هي الشكل المناسب و"اللائق" الذي يمكن أن يأخذه احتفال الفضائية، بإنجاز مهمتها المطلوبة في الموضوع السوري، قبل أن تنتقل إلى الفصل التالي، الذي تتخلى فيه عن مشهد الشارع لتنتقل إلى الأروقة والكواليس.
"المهمة أنجزت!".
وتم الفروغ من تصفية الحساب الإعلامي مع النظام السوري، وانجاز التهيئة الإعلامية لتسليم سورية لمجلس الأمن الأمريكي، وفتح ملفها النووي. والآن تنتقل الجزيرة في تغطية الشأن السوري إلى مجلس الأمن. ونحمد الله، أنها ليست وحدها هناك. فقد تجاوزت تحت غطاء ذرائع واهية اعتبارات المهنية والموضوعية وداست عليهما، بقدر المرات التي نقلت فيها عن "شهود عيان" دوس الدبابات السورية للمواطنين.
والجزيرة لا تتشابه مع الصورة التي تقدمها للنظام السوري بأسلوب الدوس، وحسب. بل تتعدد أوجه الشبه، وتأخذ أشكالا متفاوتة بتطابقها، ولكن أبرز ما يلفتني هنا هو الطريقة التي تعاملت بها القناة، أكثر من مرة، مع احتجاجات موظفيها. ومن آخرها طريقتها في محاولة الحجر على لسان الإعلامي المستقيل غسان بن جدو، وهي الطريقة التي نمّت عن عقلية لن تتردد لو استطاعت عن إقامة حد قطع اللسان بالسيف على كل من يخالف.
تعاملت "الجزيرة" مع الجميع باعتبارها "مؤسسة"، بينما منتسبوها مجرد موظفين عليهم واجب الانضباط دون اعتراض. أي، تماماً، مثلما يفعل نظام سياسي يرى أنه هو الدولة، أما الشعب فمجرد مواطنين عليهم الطاعة.
وبطبيعة الحال، فإن التشابه كان سيتوضح تطابقاً تاماً، لو قيض لإدارة "الجزيرة " أن تكون نظاماً سياسياً، لرأينا من دون شك، حينها، المفردات الإدارية تتحول إلى أمنية، وربما عسكرية مفتوحة!
تستطيع الجزيرة أن لا تعلق، على خلاف مع موظفيها؛ ولكن الاستقالات الأخيرة، التي لم تكن مدفوعة بأسباب شخصية أو عمالية، واستندت إلى أسباب مهنية تمس مصداقيتها وصدقيتها، واتهامات بدور مريب تؤديه في سياق سياسي محض، لا تملك حق الصمت عليه، أو اعتباره ملفاً يتعلق بـ"دائرة شؤون الموظفين"..
إنه ملف الموضوعية المهنية، ويتعلق بشفافية القناة، ومدى نزاهتها تجاه مشاهديها؛ سواء أولئك الذين يتسمرون أمام الشاشة، أم الذين يتحولون إلى "خبر عاجل"..!
والملفت أن أداء إدارة القناة، يجعلنا على يقين بأنها في منصرفة عن ذلك كله، ومشغولة فعلاً بتقمص دور جورج بوش على ظهر البارجة الأميركية «يو إس إس إبراهام»، وتستعد لإطلاق إعلانها المشين:
"المهمة أنجزت"!

ليست هناك تعليقات: