ذيبان.
ذيبون. حاضرة في التاريخ، لا تغيب عن صفحاته؛ ولكن حظها من الحوليات الأردنية
المعاصرة القليل القليل، فهي لا تستطيع أن تزاحم "خلدا"، ولا منافسة "عبدون"
من حيث حجم الاستثمارات والاهتمام التنموي والخدمي، ولا حتى الإعلامي.
والمفارقة هنا تحمل دلالاتها، فعاصمة التاريخ الممتد آلاف السنوات تحشرها السياسة في خانة "قـرية"، بينما تحولت مجموعة فلل لأبناء الذوات إلى عاصمة من أرقى العواصم في العالم!
والمفارقة هنا تحمل دلالاتها، فعاصمة التاريخ الممتد آلاف السنوات تحشرها السياسة في خانة "قـرية"، بينما تحولت مجموعة فلل لأبناء الذوات إلى عاصمة من أرقى العواصم في العالم!
ولكن
ذيبان لا تقبل البقاء أسيرة في صفحات التاريخ، ولا ترضخ للمعادلات الظالمة!
حيث
أرادوا لها أن تكون مستودع مخبرين صغار، تحولت إلى عاصمة مناضلين شرفاء؛ وحيث
أرادوا لها أن تكون دائرة لمستوزرين يتوسلون المنصب بـ"المناسف"
والعلاقات العامة والابتسامات التي تتملق أدنى المسؤولين ولاء للأردن، أضحت كلمة
صريحة لا تخشى في الحق لومة لائم؛ وحيث أرادوها جهولة قبلية متعصبة، خرجت عليهم
أردنية، تتحد في يدها ألوان العلم الأردني الأربعة في لون واحد يحمل معنى واحداً:
الكرامة والعدالة!
تداركت
ذيبان الأردن في مطلع انقلاب الزمان لتنبه الجميع أننا بتنا في القرن الحادي
والعشرين. وأول ما صنعت أنها أضحت عاصمة لعمال المياومة، أصحاب الحراك الذي حطم
جمود السياسة في العاصمة، وركل مقاعد الوزراء، واستعاد حق الناس والشعب وكلمته
بالشارع، الذي كان وزراء الداخلية قد طوبوه باسمهم، يؤجرونه لمن شاءوا ويمنعونه
عمن أرادوا!
لقد
قالت ذيبان إن "الحق في الشارع" هو ذاته "الحق في الوطن"!
وكانت
تلك هديتها للأردن: الوطن والشعب والناس الذين يتعايشون ويقتاتون على حلم حرّ، لا يتحول
إلى كابوس، ولا يستيقظ من يعيشه على أضغاث، ولكنه يعيش معه، ويعيش في سبيل تحقيقه،
وتجسيده!
واليوم،
وبينما ينتظر الجميع لجنة الحوار التي تم لـمّ شملها على عجل، ويترقبون لجنة تعديل
الدستور التي تتفيأ في ظلال عرفية، تعيد ذيبان التأكيد على تمسكها بهديتها للأردن،
فتقول لمن يملكون القصور: نحن نملك الشارع!
الشارع
في ذيبان شباب!
لديهم
البأس واليأس، والحرمان والطموح، والإحباط والشغف، والقنوط والإيمان، وكل ما يمكن
أن يدفعهم لأن يتمسكوا باعتزازهم بأنفسهم، ودورهم، وإرادتهم، وتضحياتهم، ويجعلهم
ويرضيهم أن يكونوا جزءاً من حرارة الشعب وإرادته..
وشباب
الشارع في ذيبان لا يتلهون في بـ"التفحيط بأحدث السيارات"، ولا باختبار
المقاهي وأنواع الأرجيلة وأحدث أصناف الهمبرغر. إنهم في كل الأحوال مشغولون بهمهم،
الذي اكتشفوا أنه ليس شخصياً بل وطنياً عاماً يعيشه شعب كامل. وإذ حرمتهم عمان
الرسمية من فرص العمل والحياة الكريمة، ومنعت عنهم أن يكون لهم حزب، أو نقابة،
اجتهدوا فحولوا باب الدكان التي يستدينون منها كيلوالبندورة وعلبة السجائر إلى
منتدى سياسي أنشط وأنجع من الأحزاب التي تتكاسل في عمان!
ذيبان
التي بادرت الأردن بأول مسيرة مطالبة
بالإصلاح في السابع من كانون الثاني، ها هي تذكره اليوم من خلال مسيرة أخرى: لا بد
مما ليس منه بد. وتؤكد أنها ليست مجرد قطعة حجر معروضة في "اللوفر"، وأنها تتمسك بهديتها للأردن..
وهديتها
ليست زهرة قطفت خلسة من حديقة الجيران، لكي تذوي بسرعة!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق