الثلاثاء، 10 مايو 2011

رهاب يتعلق بحرف الشين


أمضى العرب، حكومات وإعلاماً، العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يتشكون من إيران، ومن الخطر القادم من الجمهورية الإسلامية، الفارسي تارة، والشيعي تارة أخرى..!

وهنا، من المفيد أن نتذكر، أنهم كانوا قبل ذلك مشغولين، تبعاً لانشغال الولايات المتحدة، بـ"المد الشيوعي". لذا، قد تكون هذه حالة رهاب تتعلق بخطر يبدأ بحرف الشين (الله يستر من العقد القادم)!

وعودة إلى الجد: ما هو نصيب إيران فعلاً من حالات التهديد التي شهدها هذا العالم العربي، المبتلي بعقله وإرادته، خلال هذا العقد..؟

بداية، دخل العرب العقد الماضي تحتلهم إسرائيل، وتقصفهم حليفتهم ضد إيران - الولايات المتحدة الأمريكية (العراق)، بينا تدعم إسرائيل ضدهم بكل وسيلة ووسيلة، .

وفي العام الأول من العقد الماضي، حشدت الولايات المتحدة جيوشها وقوات العالم لمقاتلة "مجاهدي" أفغانستان، نفس أولئك الذين كانت قد حشدت العرب وأموالهم وأرواحهم لنصرتهم، في وقت من سابق؛ وكان طبيعياً أن تحاول إيران البحث عن منافعها في أمر يجري على حدودها.. تستطيع عدم المشاركة به، ولكنها لا تستطيع دفعه ومنعه.

وفي العام الثاني، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء الكيان الإسرائيلي الغاصب، في حرب الإبادة التي شنها على الشعب الفلسطيني، وغطت على مجازره في جنين. وكانت إيران في المشهد العربي العاجز، ولكن غير الراضخ للعنجهية الأمريكية والغطرسة الإسرائيلية.

وفي العام الثالث، شنت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على العراق، وقامت باحتلاله. وفي حين ساهمت الدول العربية وتواطأت، لم تشارك إيران لا صراحة ولا تلميحاً؛ ورغم ذلك، راح الإعلام العربي يتساءل عن "سر" صمت إيران وعدم مسارعتها لنجدة النظام العراقي، متناسين أن هذا النظام خاض ضدها حرب ثمان سنوات دامية. ونسوا أن العراق كان يخدمهم في تلك الحرب، وخاضها بطلبهم، وإرضاء لهم!

في العام السادس، شنت إسرائيل حرباً مجرمة على لبنان، صمت بعض العرب، وبعضهم الآخر كال الاتهامات لحزب الله ووصف مقاومته بـ"المغامرة غير المحسوبة". أما إيران فكانت داعمة للبنان المستضعف إلى درجة أنه يتآمر على نفسه لصالح أعدائه!

وفي العام التاسع، شنت إسرائيل حرباً مماثلة على قطاع غزة المحزون، فاتضح أن العرب وفئة من الفلسطينيين هم بعض المحرضين على شنها، وحينما قاومت غزة، اتهموها بالتبعية لإيران، لا سيما وأن هذه الأخيرة كانت أعلنت إدانتها للحرب الظالمة. 

وبالطبع، يمكن الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل قتلتا ثلاثا من الزعماء العرب خلال الفترة نفسها؛ صدام حسين إعداماً، رفيق الحريري بمؤامرة اغتيال، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بمؤامرة "مذهلة"! 

ولا ننسى أن إحباط كل القرارات الدولية، التي تدين القتلة الإسرائيليين لأطفالنا في فلسطين ولبنان، هي مهمة فيتو الولايات المتحدة الأمريكية، التي لا يكل رؤساؤنا من الإشادة بالعلاقات الطيبة و(يا للهول!) تطابق وجهات النظر معها حول مختلف القضايا! 

وبعد؛ ألا يقول لنا هؤلاء، الذين صرفوا عقداً من أعمارهم وأعمارنا ومستقبل أوطاننا بينما كانوا يملأون الدنيا ضجيجاً حول الخطر الإيراني، والمد الشيعي، وولاية الفقيه؛ أين كان الخطر الإيراني طوال هذه الفترة الماضية، وفيمَ رأوا علاماته!

نعلم أنهم، كما رفعوا فزاعة الإسلاميين بوجه الثورات العربية، يخوفوننا بـ"ولاية الفقيه"، ولكن ليس لدينا ما نقوله إلا: يا ليت لو عندنا "ولاية"، أو لو كان عندنا حتى "فقيه" من أصله!

ليست هناك تعليقات: