الأحد، 8 أبريل 2012

بعثيون لا "إخوان"!


أشغلت نفسي، ذات مرة، بعقد مقارنة بين "الإخوان المسلمون" و"البعثيين"، فاستطالت قائمة الفروقات والمفارقات إلى درجة أنني عزفت عن تدوينها، واستدعائها، رغم أنه لزم استذكارها في أكثر مناسبة كفر فيها "الأخوان" لكثر ما يتبجحون!
 
وهذه عجالة من الفروقات والمفارقات:

بنى البعثيون دولاً وأنظمة، نوافق على أنها لم تكن ديمقراطية (وعلى أية حال، لم تكن الديمقراطية، في زمنهم، أولوية في ثلاثة أرباع العالم) ولكنها تبنت مشروعاً تحررياً خاصاً؛ بينما عاش "الإخوان المسلمون" كمجموعة طفيلية على المجتمعات العربية ودولها، وعملت دوماً على تقويض هياكلها المدنية..

أنتج البعثيون فكراً يحاول أن يقدم مقاربة عربية للأفكار التقدمية والإنسانية؛ بينما قدم "الإخوان المسلمون" عصابات دينية، وتناسخوا فكراً متطرفاً، وتوالدوا منظمات ظلامية، تضرب في المجتمعات العربية، وتقتص من قواها التقدمية..

قدم البعثيون رجالات فكر ودولة ومناضلين بقامات عالية، بينما اقتصر انجاز "الإخوان المسلمون" على تقديم رجالات بذقون طويلة، وقيادات بهمم خائرة، وزعامات بضمائر متهافتة..

وجد البعثيون أنفسهم في تناقض مع أنظمة الرجعية العربية، وخاضوا نضالات مع بقية القوى التقدمية ضدها؛ بينما تحالف "الإخوان المسلمون" مع هذه الأنظمة وشاركوا في قمع القوى الحية في المجتمعات العربية لصالح برنامج الرجعية العربية..

اصطدم البعثيون بالقوى الإمبريالية وأعداء الأمة، كما وعدوا في مسار طويل وواضح، بينما تاريخ "الإخوان" مع القوى الامبريالية وأعداء الأمة يشبه تاريخ شركة "بلاك ووتر" وصفقاتها السوداء، وخدماتها الدموية في مختلف أنحاء العالم..

اندفعت القوى الامبريالية والرجعية العربية لتقويض الأنظمة البعثية والتخلص منها؛ بينما دعمت "الإخوان المسلمون" وتحالفت معهم، وهي اليوم تجتهد لتسليم السلطة لهم في شتى الدول العربية..

في أسوأ ما مرّ على البعثيين هو تناحرهم وانقسامهم، ولكن حتى هذه المثلبة عكست اجتهاداتهم المختلفة الحرة النابعة من واقعهم المحلي؛ بينما بقي "الإخوان المسلمون" دائماً، في كمونهم ونشاطهم، عصبة متضافرة، ولكن انطلاقاً من واقع الدور الوظيفي المناط بهم دوليا من قبل الدوائر الامبريالية..

لم يعرف عن البعثيين الارتباط الوظيفي بقوى خارجية؛ ولكن تاريخ "الإخوان المسلمون"، كتنظيم عالمي وتنظيمات محلية، مليء بالتفاهمات والارتباطات غير المفهومة والمريبة، وتكفيهم فتواهم للتحالف مع "أهل كتاب" الأمريكان في أفغانستان ضد الصديق السوفيتي "الملحد" والشعب الشقيق المسلم..

البعثيون، ككل القوى غير المرتبطة بالإمبريالية، لحقت بهم هزائم فادحة دفعوا ثمنها غالياً، وقبل ذلك كانوا يدفعون ثمن وجودهم، بينما "الإخوان المسلمون" يُصرفون من الخدمة حالما ينتهي دورهم في المرحلة المحددة، ويذهبون في سبات عميق إلى أن يتم استدعائهم ثانية..!

ليست هناك تعليقات: