الخميس، 10 نوفمبر 2011

منخفض عربي وغيوم سياسية


المنخفض السياسي القادم هو اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت القادم لبحث ما أسماه رئيس اللجنة الوزارية العربية بامتناع الجانب السوري عن الوفاء بالتزاماته تجاه المبادرة العربية.
هذا المنخفض تصاحبه بعض الغيوم:
أول هذه الغيوم يتمثل في أن الجامعة العربية، التي تبدو نافذة الصبر في التعامل مع سوريا، تحديداً، وتبدي استعجالاً مريباً وغير مفهوم، لم يسبق أن سجلته دون ندم، أصرت على فرض مبادرتها بكامل بنودها على الجانب السوري، ولم تُعن بالمقابل بوضع أية آليات للتنفيذ أو المراقبة أو الاتفاق على وضع جدول زمني.
الغيمة الثانية، التي تأتي مصاحبة لهذا "المنخفض السياسي"، تتمثل في أن الجامعة العربية تخلفت عن تنفيذ الشيء الوحيد الذي التزمت به، وهو جمع المعارضة السورية بمختلف أطيافها على طاولة الحوار، رغم أن الجانب السوري تجاوب معها ووافق على المبادرة بكامل بنودها، كما هي.
الغيمة الثالثة، تمثلت في أن ردود الفعل المحبطة، ومحاولات قطع الطريق على نجاح المبادرة العربية، لم تأت من الجانب السوري؛ بل من خصومه، بدءاً من البيت الأبيض الذي دعا المسلحين إلى عدم تسليم أسلحتهم وعدم التجاوب مع العفو، الذي جاء في سياق تجاوب الحكومة السورية مع المبادرة العربية أصلا. وليس انتهاء بردود فعل المعارضة السورية التي أعلنت رفضها الحوار من حيث المبدأ، وطلبها اتخاذ إجراءات عقابية عربية ودولية ضد بلدهم.
وجاءت الخطوة الأهم لإحباط المبادرة العربية من الجامعة نفسها، وتمثلت في استعجال رئيس اللجنة العربية للدعوة إلى الاجتماع بعد أقل من خمسة أيام على القبول السوري بهذه المبادرة، لبحث "عدم الوفاء السوري". وهنا تتجمع غيوم سوداء داكنة تثير الريبة والأسئلة والاستغراب، إذ تبدو الحكومة السورية في الواقع الطرف الوحيد الذي شرع فعلاً في تنفيذ التزاماته (بدء عملية سحب الجيش من المدن، إطلاق دفعة أولى من المعتقلين).
الغيمة التالية في سلسلة الغيوم التي تترافق مع هذا المنخفض السياسي، هو أن رئيس اللجنة برر دعوته هذه باستمرار تدفق الدم في سوريا، علماً أن الجامعة العربية لم تستند في ذلك إلى أية معطيات موثوقة، فليس لها لجنة مراقبة على الأرض، وبعض دولها ليس لها حتى سفير في دمشق حالياً، ومنها دولة رئيس اللجنة نفسه.
وبطبيعة الحال، فإن التثبت والتحقق أمر لا غنى عنه، إذا أرادت الجامعة العربية أن تحمي الشعب السوري فعلاً، وإذا كانت تريد حقاً تقديم طوق نجاة تستفيد منه سوريا. وبدون التثبت والتحقق يمكن للجهود العربية أن تتحول إلى دعم يذهب باتجاه مفاقمة الأزمة، والشد على أيدي من يقتلون الشعب السوري فعلاً..!
بمقابل اليقين العربي، الذي لا يستند إلى معطيات موثوقة، بدأنا نشهد وسائل إعلام غربية تنقل صورة مغايرة للتي تستند عليها الجامعة العربية. فقد نشرت صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية في عددها الجديد، على كامل الصفحة السابعة والعشرين، تحقيقا ميدانيا من سوريا أعده مراسلها أندرو غيلغان رسم من خلاله صورة شاملة للحدث السوري، ويسلّط فيه الضوء على وجهات نظر المواطنين السوريين العاديين الذين كما أكد التحقيق يدعمون بقوة مشروع الإصلاح الذي تتبناه الحكومة السورية، مشيراً إلى الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الرئيس السوري في بلاده ولدى شعبه.
لا بد من القول: الصراحة الأمريكية في التخريب على المبادرة العربية، ودعوة الولايات المتحدة للمسلحين عدم تسليم أسلحتهم، يبرز حجم التورط الدولي والأجنبي في الملف السوري، ويكشف كذلك زيف أكذوبة سلمية "الثورة". في حين أن رفض "المعارضة السورية" الحوار الذي اشترطته المبادرة العربية، كذلك، له مغزاه ويجب أن تكون له استحقاقاته. والاستعجال العربي باتجاه مناقشة ملف سوريا له معناه؛ والقبول السوري بالتثبت من الحقائق، بالمقابل، معناه السياسي الواضح!
وفي الختام، لقد قامت المبادرة العربية على مبدأ واضح: من سوريا التعاون، وعلى الجامعة العربية ضمان النجاح. وهذا المبدأ يحدد النجاح والفشل، في مبادرة كيدية لا نظن أن إعدادها قام على أساس ضمان النجاح لها.

هناك تعليق واحد:

مطر خريس يقول...

اخي ياسر تحية عربية سورية وبعد،
لقد اغلق الباب تماماً ولم يعد هناك منفذ واحد للسوريين من قبل الجامعة العربية ومن يجلس تحتها من العرب جميعاً.
اخي ياسر ان الصحافة العربية كما الجامعة العربية لم تعد تنشر حتى الردود على المقالات المحرضة على سوريا مما يعني كن معنا ضد سوريا او ليس لك مكان عندنا. هذا لم يعد مستغرب علينا في الاردن بشكل خاص وعربياً بشكل عام.
لكن هناك شئ اُثبت بشكل لا يدع مجال للشك به، اعذرني على قلة ادبي ولكن لم يعد هناك مجال للشك به وهو ان بنات الهوى الروسيات اثبتنا ان لديهن اخلاق ومبادى افضل واكثر من العرب مجتميعين .