الخميس، 20 أكتوبر 2011

الشواغر ما تزال في جيبي!

استعادت الأقلام الصحافية وكتاب الأعمدة روح الضيافة العالية، وبدأوا بتدبيج المقالات في ذكر محاسن الرئيس المكلف، والتعبير عن آيات الارتياح لتكليفه، وعن ضرورته، ولزوميته، ومناسبة شخصه ومواهبه لقيادة الحكومة، في هذا الظرف!
وهذا بالطبع، مجرد فيلم هندي يتخصص بتقديمه إعلاميونا النافذين!
إنهم يريقون ماء وجوههم قبيل التشكيل بمحاولة لفت انتباه الرئيس المكلف من خلال التدبيجات التي تتوسل الوزارة، وبعد التشكيل بقليل يبادرون بإظهار الصبر و"حسن النية" على أمل أن يستدرك دولته إغفاله لحضراتهم بإسناد إدارة أو موقع استشاري لهم، ثم حين ينتهي الرجل من ملء فراغاته، يدبجون على أمل أن يتذكرهم بتقريب واصطفاء، وحينما يضيق وقته، أو يعزف عنهم، يتحولون فجأة إلى أصحاب أقلام حرة، ويبدأون مشوار الطخ على الرئيس وحكومته..!
هذا السيناريو معتاد، سواء أخلف الرئيس وعوده أو كان شديد الحرص على الوفاء بها!
وها هم اليوم، في مرحلة ما قبل التشكيل، يدبجون ما يدبجون، وكأنما عون الخصاونة خيار جديد، لم يتم تجريبه من قبل، فلا أحد تقريبا يذكر أن الرجل من جيل السياسيين الذين برزوا في الأردن النصف الثاني من التسعينات في واحدة من أسوأ المراحل، كانت قد شهدت ليس انهيار العمل السياسي في الأردن، بل وانهيار السياسة الأردنية ذاتها!
ولا أحد يتذكر على الإطلاق أن الرجل هو من ذلك الجيل من السياسيين الذين صعدوا إلى السدة على ظهر أسوأ الروافع، وأقصد هنا معاهدة وادي عربة، وعضويته في الوفد الأردني لمفاوضات السلام. وأنه جيء به للديوان الملكي، في النصف الثاني من التسعينات، لضمان أداء متناغم مع الحكومة التي رأسها آنذاك صديقه الحميم وزميل دراسته عبد الكريم الكباريتي..
وسقا الله على أيام "الدفع قبل الرفع"!
ولا أحد ينتبه اليوم، ممن يسرفون في الحديث عن الطمأنينة يبثها هذا التكليف، أن الرئيس المكلف يوجه رسائله التطمينية باتجاهات مقلقة؛ إلى "الإخوان المسلمين"، الذين يخسرون في الشارع، بينما يربحون صداقة أمريكية..!
ولا ينتبه أحد، كذلك، أن الرئيس المكلف لم يغلب نفسه في توجيه رسائل تطمين للحراك الشعبي، ومن قرارات الحكومة السابقة يختار إلغاء القرارات التي طالت بعض الإدارات الإعلامية (الرئيس يريد طمأنة الطامعين بمحسوبيته من الإعلاميين إلى أن "الشواغر ما تزال في جيبه") ولكنه بالمقابل لم يأت ذكر شباب الحراك من الطفيلة، الذين قدمتهم الحكومة الراحلة للمحاكمة..!
والخصاونة، بذلك، يقول أنه غير معني ولا يأبه بـ"جمعة الموت ولا المذلة"!
لقد عودنا نظامنا السياسي أن كل حكومة جديدة هي ورقة "يا نصيب"، نعلق عليها كل الآمال إلى أن تظهر نتائج السحب، فنندم على اليوم الذي فكرنا فيه دفع ثمنها. وإعلاميونا مستوردي بدعة "المائة يوم"، عودونا أن نبدأ صفحة جديدة مع كل حكومة جديدة، حتى لو كان جل أعضائها بما فيهم الرئيس مجربون مائة مرة!
وليس هنالك عبث أشد من هذا!

ليست هناك تعليقات: