الأربعاء، 24 أغسطس 2011

عصا تركية أم أفعى تسعى؟


بقلـم: د. موفـق محـادين
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net
لم ترتبط امة بتجربة امة أخرى، كما ارتبط العرب مع تركيا، ولم تكتشف امة أنها لم تتحرر من استعمارها السابق كما اكتشف العرب.. فبعد خمسة قرون من الركود والتخلف زادوا عليهم قرنا سادسا ويستعدون كما يبدو للدخول في قرن سابع مديد، بالرفاه والبنين:
1- لقد مرت تركيا بالتجارب التالية منذ أواخر القرن التاسع عشر، التجربة الدستورية وما رافقها من صراع محتدم بين السلطات ورؤساء حكوماته المقربين من القناصل الأجانب، ثم التجربة الانقلابية (عسكر وبرلمانات برسم الحل) ثم التجربة البرلمانية (برلمان وعسكر في الثكنات) وفي كل ذلك كانت ظلال العواصم الرأسمالية حاضرة وكذلك موسكو في عهديها، القيصري، والشيوعي.
2- عربيا ومع خلط في بعض الأولويات، شهد العرب أول انقلاب عسكري على الطريقة التركية (بكر صدقي في العراق، ثم تتالت الانقلابات وكان أقربها إلى تجربة كمال أتاتورك انقلاب مصر 1952 الذي نجح في انجاز تحولات كبيرة كما أتاتورك ومنها تأميم قناة السويس كما تأميم قناة البوسفور وبناء السد العالي كما السدود التركية وبدعم روسي في الحالتين.
وكما راحت تجربة أتاتورك تتراجع لأسباب عديدة، وتحل محلها معادلات غريبة تجمع بين الإسلام السياسي وبين الثورات الدستورية استعاد العرب هذه التجربة أيضا وبضوء اخضر أمريكي كما تركيا.. ولغايات متقاربة في مقدمتها سرقة الاحتجاجات الشعبية وثوراتها الحقيقية وإعادة دمج الجميع في النظام الرأسمالي العالمي.
وبين الحالتين، العربية والتركية أوجه شبه وعناصر خلاف، منها توظيف الأقليات القومية (الأكراد مثلا) لابتزاز الطرفين، ومنها انه حيث يدمج الأتراك قناعهم الإسلامي بخطابهم القومي الطوراني، يفتح الإسلام السياسي واليسار والليبراليون العرب النار على مشروعهم القومي ويؤدلجون التمزق القطري والمذهبي قبل أن يأخذهم الباب العالي من جديد كما أخذهم في مرج دابق 1516.
(العرب اليوم. 2011.08.24)

ليست هناك تعليقات: