السبت، 27 أغسطس 2011

الجريمة والتدين

بقلـم: محـمود منير
mahmoud1st@hotmail.com
تصريح لرجل الدين السعودي عبد المحسن العبيكان تناقلته بعض وسائل الإعلام، أمس، يفيد بأن أفراداً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانوا إما مدمني مخدرات، أو من اللصوص.
العبيكان أدلى بتصريحه في سياق معركة يخوضها في الإعلام السعودي سعياً منه لإلغاء الهيئة، معللاً غلاظة وقسوة رجال الهيئة بماضيهم الإجرامي، وداعياً، في الوقت نفسه، إلى تحويل الهيئة إلى وزارة الحسبة تقتصر مهامها على مراقبة الأسعار، وجباية أموال الزكاة.
الأمر ليس عابراً، ولا يرتبط بتيار الإصلاح الديني في السعودية، فدورة الجريمة والتدين وارتباطاتها بالأمن، تحتاج إلى دراسة معمقة في عدد من البلدان العربية.
الجريمة تظهر بوصفها ماضياً في الحال، التي أشار إليها العبيكان، غير أن كاتباً سعودياً آخر هو إبراهيم البليهي كتب عن الارتباط بين زيادة تدين المجتمع وبين تزايد معدلات الجريمة.
وبحسب الإحصائيات السنوية فإن عشرة جرائم تقع خلال الساعة الواحدة في السعودية، وهي أرقام معلنة تنشر في الصحف والمجلات، ومرشحة للتزايد.
أرقام الجريمة هذه لا تقترن بدراسات حول أسبابها، وإن حدث ذلك فدراسة ظاهرة التدين وأثرها تكون مستبعدة، بل يجري التشهير بالكتّاب، الذين يتبنون هذا الطرح، لأسباب ذات صلة بالسلطتين الدينية والسياسية.
انخراط أعداد من المجرمين، التي أفرزتهم بيئاتهم المفقرة والمتخلفة، في حركات متطرفة دينية لم يعد خافياً على أحد في الوطن العربي،  إضافة إلى تزايد معدلات حدوث الجريمة في البيئات المتدينة تبرزه الإحصائيات، التي أشرت إلى واحدة منها.
الحلقة المفتقدة في دورة الجريمة والتدين يمكن إيجادها لدى أجهزة الأمن، عبر استثمارها مرتكبي الجنايات، وتعزيز انخراطهم في عدد من التيارات الدينية، لكن المسألة لا تبدو في هذه السهولة، فهناك انقلابات يقوم بها هؤلاء المجرمين بعد تحولاتهم، وربما يعملون بعدها لصالح أجهزة أمن أخرى.
الرافضون لمناقشة هذه العلاقة وأثرها على المجتمعات العربية هم جزء من سلطة توظف دورة "الجريمة والتدين"، وتستفيد من معطياتها، وإن كان ثمنها خراب المجتمع. 

ليست هناك تعليقات: