الثلاثاء، 1 مارس 2011

تفجيرات الأربعاء الغامضة

يوم الأربعاء الثالث والعشرين الماضي، صعقت من ردة فعل الحكومة الأردنية على ما قيل أنها "تفجيرات غامضة" سمع صداها في فترة امتدت من الساعة الحادية عشرة والنصف والثانية بعد الظهر. والسبب أنني قرأت قبل نحو شهر من ذلك خبراً أوردته إحدى وكالات الأنباء (على الأغلب: يو. بي. آي) يذكر أن إسرائيل ستفجر في الوقت الفلاني العلاني كمية كبيرة من المتفجرات (نحو 300 طن على ما أذكر) لمعايرة مجسات رصد التفجيرات النووية، في سياق التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية.
كان هذا خبراً طيرته وكالة الأنباء تلك على الأقل، ونشرته الصحف!
1
في اليوم المعلوم، بدت حكومتنا الأردنية متفاجئة، ومرتبكة، ولا تعرف ماذا تقول؛ ولم تسعفها سلطتها بشيء، فاضطرت للجوء إلى التخمينات والمخيلة، فخرج وزير الإعلام يخمن: ربما هي طائرات خرقت حاجز الصوت، خارج المجال الجوي الأردني..
وكان من الواضح أن الأجهزة الرسمية بمجملها (والدفاع المدني على رأسها) لا تملك معلومات عن حقيقة الموضوع، فتقدمها على الأقل لوزير الإعلام، الذي بدا محرجا لا يملك ما يقول.
وجاءت عبارة "خارج مجالنا الجوي هذه" لطمأنتنا على سيادتنا الوطنية؛ وعليه، وبعد التقدم بجزيل الشكر من الحكومة الأردنية الحالية، وسابقتها التي جرى الإعلان عن مشروع التفجير في عهدها، نود أن نطرح بعض الأسئلة التي من شأنها أن تطمئننا على سيادتنا الوطنية:
-         يا ترى ألم تقرأ حكومتنا وأجهزتنا ما قرأه عامة الناس..!؟ وإذا كانت أي من الحكومتين قد قرأت ذلك الخبر، فماذا فعلت به..!؟
-         بحكم أن "إسرائيل" كيان مجاور فهو ملزم بالإبلاغ، عبر المؤسسات الدولية المعنية في حالة غياب العلاقات الدبلوماسية والحرب، ومباشرة في حالة السلم، عن أي مشاريع مماثلة قد تثير الريبة أو تتطلب أخذ الحيطة والحذر.
ونحن نرتبط مع هذا الكيان بـ"معاهدة"..!
2
وبمناسبة "المعاهدة"، التي ستكره الطبقة السياسية التي صنعت أمجادها في وغى توقيع "وادي عربة" إدخالها في موضوع "هايف" كهذا، فإن هذه "المعاهدة" تعطينا مجالاً إضافياً لعدم التسليم بفرضية التقصير "الإسرائيلي" على عواهنها، حيث:
-         في الغالب أن هناك اعتبارات أمنية كافية لدفع "إسرائيل" لإبلاغنا بالمشروع.
-         وفي الغالب أن هناك اعتبارات عسكرية عديدة كافية لدفع "إسرائيل" لتنبيهنا إلى حقيقته.
-         وفي الغالب أن هناك اعتبارات مدنية كثيرة كافية لدفع "إسرائيل" لإخطارنا به وبموعده.
-         وإن لم تبلغنا "إسرائيل"، فيفترض أن هناك الكثير من الاعتبارات الكافية لدفع "الولايات المتحدة" لتحذيرنا وتنبيهنا.
ليس هذا من افتراض حسن الظن والجوار بالجار الصهيوني؛ ولكنها أسئلة تطرح طالما أن هناك طبقة سياسية ألزمتنا أن نكتب شعراً بـ"المعاهدة، وحملتنا وزرها وأعبائها..
3
بعيداً عن "إسرائيل"، نفترض أن خبراً مثل هذا كان من المفترض أن يلفت انتباه الأجهزة على مختلف الأصعدة للاعتبارات العديدة المختلفة، إن لم يكن من أجل إطلاق التحذيرات المناسبة الكفيلة بالحفاظ على سلامة المواطنين، فمن المسلم به أن تفجيرات من مثل هذا النوع يمكنها تؤثر على الأبنية القديمة، والأبنية قيد الإنشاء وعلى المنشآت المعلقة وغيرها..
والواقع، أنني لا أعرف إن كانت وسائل إعلامنا المحلية قد اهتمت وأوردت الخبر، ولكن طريقة تعامل المواقع الاليكترونية مع الواقعة، تفيد بأن الإعلام كان يعيش في نفس العتمة، بل أن التركيز توجه على أن ثمة خطب جلل في عمان، وبدأت المواقع تحصر الأماكن التي رصد فيها سماع التفجيرات في العاصمة، ولم تلتفت بعيداً.
هنا، المركزة القاتلة على عمان، التي نشهدها في كل مجال: من التنمية.. إلى الإعلام. والنتيجة، أن ثمة خسائر في الأرواح بالجوار، في ضاحية تم ضمها إلى عمان قبل نحو عقدين ونيف من الزمان، لم يصل خبرها إلى علم الإعلام إلا متأخراً.
4
السيناريو الكوميدي هو ما اقترحه أحد الظرفاء، بأن تكون كلا من الولايات المتحدة و"إسرائيل" قد أرسلتا إخطاراً لرئيس الوزراء الأردني، آنذاك، سمير الرفاعي.. ولكن ليس عبر "تويتر"، لذا لم يصل الأمر له؛ وبالتالي لم يأخذ طريقه للأجهزة المعنية، وفي مقدمها "الدفاع المدني".
واليوم، نعلم أن فتى قتل في ناعور وأصيب ابن عمه جراء هذه التفجيرات. فمن يتحمل مسؤولية ذلك: "إسرائيل" لأنها فجرت ولم تبلغ، أم الحكومة الأردنية لأنها لم تعلم ولم تحذر..؟
ربما هي مسؤولية "تويتر"، الذي حاول أن يحكم الأردن من خلال أحد "مُوَتْوِتيه"..!

هناك 3 تعليقات:

Ali يقول...

كلام جميل ياسر ومعاك حق فيه. بس عندي شؤال حيرني وأنا بقرأ. انتا هل من خلال كتابتك كنت بتأيد تويتر ودوره؟ ولا مش عاجبك موضوعو من الأساس؟

Fresto يقول...

عزيزي ياسر ...

سقط أثر هذه التفجيرات طفل اردني اسمه ثامر العجارمه (12 عاما) و قد انضمت عائلة الشهيد اليوم للمعتصمين امام سفارة العدو الصهيوني، و انضم ايضا لنشاط الحراك الشبابي الاردني على دوار باريس و قام بالقاء كلمة مؤثرة جدا ...ـ

و قد قمت أنا شخصيا بزيارة ابن عمه براء العجارمة الذي سقط جريحا بسبب هذه التفجيرات ... و هو متواجد الان في مستشفى البشير و حالته الصحية حرجة جدا .... و لم نسمع حتى اللحظه اي تعليق من أي مسؤول اردني !!!!

هل دم الاردني أصبح رخيصا لهذه الدرجة !!!!!؟؟؟؟؟!!!!!

غير معرف يقول...

اشكرك ياسر...
اهل المغدور رحمه الله وكذلك المصاب بصدد متابعة المسؤولين قانونيا..بالرغم من محاولات سخيفة في قلب الحقائق ومحاولة افناع الرأي الخاص بأن قوانين الجاذبية في ام البساتين/لواء ناعور تختلف عن محيطهامن مناطق حيث ان السقوف تسقط لوحدهاودون سبب..